الإثنين , 13 مايو 2024

هبة عمر تكتب: الهوية التائهة..!

= 1938

Heba Omar


كلما ذهبت في زيارة  لسلطنة عمان كان أول ما يلفت إنتباهي هو  قدر الإهتمام بالحفاظ علي الهوية وإحياء تراث الأجداد، من خلال الصناعات الحرفية التقليدية، التي إشتهرت بها السلطنة عبر آلاف السنين،حتي أن الدولة تخصص هيئة للصناعات الحرفية تتولي مسئوليتها سيدة بدرجة وزير هي  عائشة بنت خلفان السيابية،  ولا يخلو بيت من بيوت عمان من منتجات هذه الحرف التي تتصدر المعارض المحلية والدولية،وتعبر عن هوية يتمسك بها الجميع شعبا وحكومة، رغم كل المظاهر العصرية التي شقت لها طريقا في الحياة العمانية.

تذكرت حوارا جمعني مع واحد من المهتمين بتوثيق وحماية التراث المصري من الصناعات والحرف التقليدية، وهو المهندس إبراهيم يحيي إبراهيم مستشار تصميم نظم تنمية المشروعات، والذي عمل مديرا بجهاز تنمية المشروعات الصغيرة بالصندوق الاجتماعي للتنمية، ومستشارا لمجلس الشعب للتشغيل وتنمية المشروعات، وهو يري أن صناعاتنا التقليدية وحرفنا التراثية أحد أهم مظاهر التعبير عن الهوية المصرية بما تمتلكه من قدرات وإمكانيات تقنية وفنية متوارثة، وتشكل محورا هاما من محاور المنظومة الاقتصادية المصرية  لمساهمتها في الناتج المحلي وتوفيرها لفرص العمل وتقليص حجم البطالة، إلي جانب دورها في تنشيط السياحة وإبراز وجه مصر الحضاري وتاريخها وتراثها الفني الحافل بالإبداع الإنساني منذ أقدم العصور.

 ولكن هذا التراث بما يحمله من مكونات الحضارة المصرية عبر آلاف السنين  تأثر باختفاء سادته ومتقنيه المهرة وقلة الاهتمام به، إلي جانب ما يتعرض له من تهديدات الغزو الخارجي بمنتجات مشوهة وممسوخة من تراثنا وبديلة عنه ولكنها رخيصة الثمن،(المنتجات الصينية المقلدة مثلا) مما يشكل تحديا أمام الحرفي والصانع التقليدي الذي لا تتوفر له أي مساندة تدعم إستقرار إنتاجه من المنتجات الأصيلة مرتفعة الثمن نسبياً نتيجة للجهد والوقت المبذول فيها،مما يضعف الطلب عليها، ويؤدي الي تراجع وانكماش هذه الحرف التقليدية، التي كانت مراكزها عامرة بالفن والجمال والإبداع في أخميم ونقادة وفوه والفسطاط وكرداسة والحرانية وخان الخليلي ودمياط والنوبة وغيرها، رغم قدرة هذه الحرف علي إحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية وامتصاص فائض البطالة، والأهم أنها تشكل في وعي المصريين جوهر الهوية المصرية في دقة صناعتها وألوانها وتعبيرها عن روح مصر في كل عصورها .

المهندس ابراهيم يحيي أسس مبادرة عنوانها « تراثنا مستقبلنا» تضمنت وثيقة لحماية الصناعات والحرف التراثية والتقليدية وخطة لإستثمارها علي أفضل وجه، وإعادة صياغتها وتحديثها لتناسب متطلبات العصر، حتي تساعد في توفير المزيد من فرص العمل وفتح آفاق أوسع لتمكين الشباب من إطلاق قدراتهم وتوظيفها لتأسيس مشروعات اقتصادية واستثمارية توفر لهم ولغيرهم من أبناء محافظتهم فرصاً للعمل وكسب الرزق بطريقة مشروعة وعملية، علي أن تكون هذه الوثيقة إلتزاما وطنيا بالعمل علي تدعيم وتنسيق جهود إدارة المحتوي التراثي الصناعي والتقليدي المصري، وإحياء ما اندثر منه وتوثيقه والحفاظ عليه .. هل هناك أمل أن ينظر مجلس الوزراء الي هذه المبادرة لينقذ الهوية المصرية من التيه؟

—————–

hebaomar55@gmail.com

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 84 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.