الخميس , 16 مايو 2024

نهى القاضي تكتب: «هاتشي»..يرحمكم الله!

= 2514

"هاتشي" ضل طريقة في اليابان، فوجده البروفسير "باركر" وبدأ مساعدته بالبحث عن صاحبه، ثم رويدا تعلق به، وفشلت محاولات البروفيسور في الابتعاد عنه، وفي نهاية الأمر قرر أن يبقيه معه، أصبحا صديقين مقربين وزاد تعلق «هاتشي» بالبروفسير إلى درجة أنه تعلم الطريق من المحطة إلى البيت وكان كل مرة في انتظار صاحبه، إلى اليوم الحزين الذي لم يعود فيه نظرًا لوفاته، فانتظره هاتشي لمدة عشر سنوات بلا كلل أو ملل ليصبح أيقونة الوفاء والاخلاص ويشيد لـــ "هاتشي أو "هاتشيكو" " تمثال باليابان في نفس مكان انتظاره صاحبة أمام محطة شيبويا.

هذه قصة حقيقة حدثت في سنة 1923 باليابان لكلب يدعى «هاتشي» وتحولت لفيلم، رأى معظمنا الفيلم وأبهجه وأبكاه أيضا تأثرًا وحزنًا..

ويظل المدهش بالنسبة لي كيف تمكن كلب من دورة وأتقنه ليحتل ساحة الفيلم ليكون فيلم خاص به؟!

شاهدت الفيلم في أمسية عائلية لطيفة لاستيقظ صباحًا وبالصدفة البحتة اجدني امام مجزرة ترتكب في الصرح التعليمي الأهم والأكبر في مصر "جامعة القاهرة" على مرأى ومسمع من الجميع، قيادات، هيئة تدريس، طلبة وأمن ضخم ومكثف اتفقوا كل هؤلاء على قتل الكلاب و"الجروى الرضيعة" والقطط بالحرم الجامعي. جاء الخبر في شكل فيديو تنقلة سيدة بمشاعر باردة والفاظ قاسية وهى تتابع كلب مسكين يحتضر سائرة خلفة مرددة "الجامعة سممته وهو بيفرفر اهو هيموت بيطلع ف الروح هيموت»وكأنها معلق رياضي وتنقل احداث لكرة القدم، ليس شأننا سيدة الفيديو فنالت ما تستحق من تعليقات لمشاهدي الفيديو من استفزهم نبرة صوتها وأدائها اللامبالي بكائن ضعيف يتألم فقررت بدلا من محاولة إنقاذه نقل الاحداث على الهواء مباشرة!..

استشعرت حزن عميق ومرارة أفسدت يومي كله وبت لا أفكر إلا بهؤلاء المساكين الضعفاء مسلوبي الحول والقوة فلا يكاد يمر أسبوع أو شهر لنجد قصة مشابهة ففي العام الماضي حدثت مجزرة مماثلة للقطط بالنادي الأهلي ونادى الجزيرة ومدينة الرحاب في توقيتات متقاربة تقريبًا.
 
ونحن هنا بصدد الحديث عن أبناء الطبقتين العليا والمتوسطة في مصر، أما عن المناطق الشعبية فحدث ولا حرج، يمارسون تعذيبا مختلفًا غير مكتفين بوضع السم في الطعام، ولنا في الحادثة الأشهر "كلب الأهرام" المثل الأهم عندما دفع كلب بمنطقة الهرم ثمن حبة ووفائه لصديقة وقاوم أثنين من الجزارين دفاعًا عنة في مشاجرة بين الثلاثة، ليتم الصلح على شرط ذبح الكلب فوافق صاحبة، وذبح الكلب امام المارة بدم بارد.

كل هذه الممارسات الوحشية دخيلة علينا كمصريون ولا أعلم من اين اصبحنا هكذا أكثر وحشية ودموية وغلظة بمرور الوقت، حيث إن التاريخ يؤكد أن الانسان استأنس الكلاب منذ20.000 سنة قبل الميلاد، وكنا كقدماء المصريين أول من استأنسوا الكلاب وقد وُجدت سُلالة من الكلاب في مقابر قدماء المصريين، وكانت تُحنط منذ سنة 2100 قبل الميلاد بجوار الفراعنة داخل الأهرامات.

لتأتي مصر في القرين الواحد والعشرين فتنفق سنويًا 100 مليون جنيه في استيراد السموم، للتخلص من نحو مليون حيوان ضال، وهو الخبر الذي أكدته عدد من الصحف المصرية.

هذا الرقم المبالغ فيه ينفق على تجارة الموت بلا رحمة ونحن في أشد الحاجة الية في قطاعات هامة ومؤثرة كالصحة والتعليم ومناهضة البطالة، وأن كانت تكلفة إطعام ورعاية هذه الحيوانات تنفق اقل من هذا المبلغ فلما لا، ونحافظ على التوازن البيئي كما اهداه لنا الله؟!

نعود إلى المجزرة الأخيرة بجامعة القاهرة، حيث صرح قيادات الجامعة بأنه تم التخلص من الحيوانات الضالة للحفاظ على حياه الطلبة وكما ورد بالصفحة الرسمية لـ "الجمعية المصرية لإنقاذ الحيوان" بالفيس بوك في بيان من بعض الأطباء البيطرين أن السم الذي استخدم في هذه المجزرة هو " الاستركنين" وعند البحث وجدت أن السم محرم دوليًا قاتل للبشر والحيوانات على حد سواء، يمكن أن يقتل الإنسان عن طريق الملامسة أو الاستنشاق أو العينين في دقائق معدودة، والجزء الأخطر هنا أنه لا يظهر في التشريح بعد سؤال المختصين من الأطباء البيطريين.

أي اننا إزاء فساد وإهدار مال عام ووحشية واجرام غير مبررين، حيث أنه كما دول العالم المتحضرة يمكن التعامل مع الحيوانات الضالة بطرق عديدة حيث يمكن علاجها أو تطعيمها أو خصيها لمنع تزايدها وانتشارها ويتم وضع علامة معينة في أذنها أو رقبتها تمكن المحيطين بها من البشر من معرفة أنها مستأنسة وغير خطرة على حياتهم، وهناك حلول تؤدي إلى فوائد أخرى أن وجود هذه الكلاب في منطقة ما، تحمي الإنسان من وجود حيوانات أخرى خطرة مثل الذئاب كما هو الحال في مصر وحدث على الأخص في السنوات الماضية، فلوجدهم فوائد جمه فيوجد كلاب الصيد وكلاب الحقول، كلاب الحراسة، كلاب بوليسية، كما يوجد كلاب مدربة لتقود العميان والصم في الشوارع ولبعضهم حاسة شم قوية تمكنهم من البحث عن المخدرات والمفرقعات والكشف عن هوية المفقودين في الزلازل والكوارث وبعض الكلاب بعد التدريب تستطيع انقاذ الغرقى، وبعض الكلاب يمكنها التصنت على الأصوات التي لا يسمعها الإنسان بأذنيه، حتى أن الكلب يستطيع أن يسمع دقات الساعة على بُعد 40 قدما….
لماذا تقتلوهم اذن؟!

وكيف وقد كرمهم الله بذكرة الكلاب في كتابة العزيز في خمس مواقف مختلفة كان أشهرها، قصة أهل الكهف كما قال المولي عز وجل "وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ". كما ذكر الله الفتيه ذكر كلبهم، ويُقال: سَعِد الكلبُ حيث كرر الحق سبحانه ذِكرهم وذِكر الكلب معهم على وجه التكرار، ولمَّا ذكرهم عدَّ الكلب في جملتهم.

أعلم اننا لا نعيش في اليابان حيث تمثال من البرونز لكلب وفي، ولا حتى في اوروبا التي تسن قوانين قاسية لمن يؤذي حيوانات برئيه مسالمة وصل في بعض الاحيان للترحيل من الدولة كما قص على صديقي العراقي الكندي وهو يضحك ويروى:"بعض المصريين أخوانا للأسف تربصوا بالسمان الآمن في سماوات الحرية والإنسانية بكندا وشرعوا في اصطياده في حين وقفته للراحة من مشقة الطيران في البلكونة الخاصة بشقتهم ليختفي بعدها بدقائق على مدى عدة أيام، مما جعل السيدة العجوز جارتهم تراقبهم لتعلم اين يختفي الطيور، لتلاحظ عملية صيد للسمان في إحدى مرات صيدهم وحظهم العثر كذلك لتبلغ الشرطة التي جاءت بدورها على الفورً لتقوم بعملية تفتيش موسعة لتجد (الفريزر) يكتظ بطيور السمان ويتم على إثر هذه الحادثة ترحيل الإخوة المصريين إلى غير رجعة من كندا " ..ليظل الجميع بعد هذه الحادثة يتندرون بها ضاحكين "علي حد قول صديقي!

شاهد أيضاً

(جميعهم أغراب)…بقلم: نبيلة حسن عبدالمقصود

عدد المشاهدات = 3406جميعهم أغراب إلى أن يثبت العكس. يظل كل شيء جميلا من الظاهر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.