العمل التطوعي دليل قاطع علي تقدم ورقي المجتمعات ،بل هو وصف واقعي لارتفاع درجة إنسانية هؤلاء المتطوعين بالإضافة إلي خلق سلاما اجتماعيا وتكاتف وحب بين الناس قد يصعب أن تصنعه حتى لو أنفقت ملايين الجنيهات فعندما تشاهد متطوع يعمل بكل طاقته دون انتظار مقابل مادي أو ثناء من الناس فأنة يقدم رسالة تكافل وسلام ومحبة للجميع ويدشن لمجتمع راقي يعرف معني الإنسانية بكل مفرداتها .
وحتى أتحدث عن العمل التطوعي بشكل علمي مفصلاً فان ذلك يتطلب عمل بحثي له منهجه العلمي ولن استطيع في عشرات المقالات أن امنح هذا الموضوع حقه ولذلك سأكتب بصورة مقتضبة عن بعض جوانب العمل التطوعي وأهميته وكيفه نشر ثقافة العمل التطوعي بين الشباب والنشء.
فالعمل التطوعي في ابسط مفهوم له هو الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسئولية تجاه المجتمع الذي يعيش فيه وهو هو النموذج الأمثل في كل الإعمال التطوعية .
في حين يري البعض أن تعريف العمل التطوعي "بذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه المسلم عن رضا وقناعة، بدافع من دينه، بدون مقابل بقصد الإسهام في مصالح معتبرة شرعاً، يحتاج إليها قطاع من المسلمين".
بين هذا وذلك يأتي مفهوم العمل التطوعي من الجانب الإنساني والنفسي والاجتماعي في خلق حالة من السلام المجتمعي الحقيقي الذي تتجلي فيه ابرز درجات الإيثار وحب الغير .
ومن خلال عملي في الفترة السابقة في العمل التنموي والتطوعي بالإضافة إلي عملي في وظائف مدفوعة الأجر شاهدت ولمست بعض الأجهزة الرسمية لا تستطيع وحدها تحقيق كافة غايات خطط ومشاريع التنمية دون المشاركة التطوعية الفعالة للمواطنين والجمعيات الأهلية التي يمكنها الإسهام بدور فاعل في عمليات التنمية نظراً لمرونتها وسرعة اتخاذ القرار فيها. ولهذا اعتنت الدول الحديثة بهذا الجانب لمعالجة مشاكل العصر والتغلب على كثير من الظروف الطارئة، في منظومة رائعة من التحالف والتكاتف بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي.
والعمل التطوعي خدمة إنسانية وطنية تهدف إلى حماية الوطن وأهله من أي خطر. وفي بعض الدول كسويسرا مثلاً يعتبر التطوع إلزامياً للذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية ممن هم في سن 20-60 سنة.والمتطوع هو الشخص الذي يسخر نفسه عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين بقصد القيام بعمل يتطلب الجهد وتعدد القوى في اتجاه واحد.
ويزيد العمل التطوعي من لحمة التماسك الوطني. وهذا دور اجتماعي هام يقوم به العمل التطوعي. يقول تيتموس (1971) (Titmuss) مقارناً العمل التطوعي بالتبرع بالدم: إن إيجاد الجو المناسب للجمهور للتبرع بحرية بدمهم لمساعدة شخص لا يعرفونه يعد مكون أساسي للمجتمع الصالح، وبنفس هذا المقياس فإنه من الأهمية للمجتمعات إتاحة الفرصة أمام المواطنين للعطاء التطوعي إن رغبوا بذلك.
وسأحاول في المقالات القادمة أن أضع عدد من النقاط المهمة في معوقات العمل التطوعي وابرز مزاياه وكيفية تخلق توعيه ثقافية للشباب والنشء عن أهمية العمل التطوعي .
———————-
* كاتبة المقال رئيس جمعية بصيرة للتنمية الإجتماعية.