منال الوراقي
استضافت العاصمة الأوزبكية طشقند، خلال الفترة من 10 إلى 12 يونيو الجاري، النسخة الرابعة من منتدى طشقند الدولي للاستثمار، الذي بات يُعد من أبرز الفعاليات الاقتصادية الإقليمية ذات الطابع العالمي. ويأتي تنظيم المنتدى في وقتٍ تلعب فيه الاستثمارات الأجنبية دوراً محورياً في دعم الإصلاحات المتواصلة ومسيرة التحديث الاقتصادي والتنمية المستدامة في “أوزبكستان الجديدة”.
يُعد المنتدى منصة استراتيجية تجمع مجتمع الأعمال الدولي لاستعراض الفرص الاستثمارية الواعدة، والاطلاع على بيئة الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها أوزبكستان ومنطقة آسيا الوسطى. ومنذ انطلاقه عام 2022، أصبح المنتدى فضاءً مهماً لتوقيع الاتفاقيات، وتأسيس شراكات جديدة، وتنفيذ مشاريع مشتركة تعزز موقع البلاد كمركز اقتصادي ناشئ.
وجاءت دورة هذا العام الأكبر من حيث الحجم والمشاركة، إذ استقطبت أكثر من 7,500 مشارك من نحو 100 دولة، من بينهم قرابة 3,000 ضيف أجنبي، في إشارة واضحة إلى تنامي مكانة أوزبكستان كمقصد استثماري موثوق على الساحة الدولية.
الاستثمار من أجل السلام
تحت شعار “الاستثمار ضمانٌ ليس فقط للتنمية الاقتصادية، بل أيضاً للسلام والاستقرار”، ناقش المنتدى هذا العام التحديات العالمية التي تهدد الأمن والتنمية، ومنها تصاعد سباق التسلح، وتجاهل القانون الدولي، والأزمات المناخية والغذائية، وانتشار الفقر. وفي كلمته الافتتاحية، شدد الرئيس شوكت ميرضيائيف على أهمية توحيد جهود الدول لتحقيق تنمية مستدامة، داعياً إلى العمل في مجالات عدة، أبرزها:
• التحول إلى الاقتصاد الأخضر
• اعتماد الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية كمحركات اقتصادية
• تطوير النظام المالي واعتماد الابتكار
• إدارة الموارد الطبيعية والمعادن الاستراتيجية في سياق الثورة الصناعية الرابعة
خمس مبادرات رئاسية رئيسية
كشفت كلمة الرئيس ميرضيائيف عن أولويات السياسة الاستثمارية في البلاد، من خلال طرح خمس مبادرات استراتيجية:
1. التوجه نحو عضوية منظمة التجارة العالمية بحلول 2026، مع مواءمة مئات المعايير الوطنية مع التشريعات الدولية.
2. اعتماد “نظام وطني” للمساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب، والسعي لرفع التصنيف الائتماني لأوزبكستان إلى درجة “استثمارية” بحلول 2030.
3. تسريع خصخصة أصول الدولة، لتمكين الشركات الكبرى من العمل وفق آليات السوق.
4. تنفيذ مشاريع ضخمة في البنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية، منها مشروع “طشقند الجديدة”، ومطار دولي، ومركز متعدد الوسائط.
5. اقتراح إنشاء منطقة استثمارية وتجارية موحدة في آسيا الوسطى، بما يعزز التكامل الإقليمي والتجارة الحرة في المنطقة.
بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة
أكدت القيادة الأوزبكية أن الاستثمار لم يعد مجرد تمويل، بل هو أيضًا نقل للمعرفة والتكنولوجيا وبناء للكوادر البشرية والانضمام لسلاسل الإنتاج العالمية. ومن خلال تشريعات مرنة، وضمانات قانونية، وحوافز ضريبية وجمركية، تعمل أوزبكستان على استقطاب الاستثمارات طويلة الأمد، خصوصاً في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والزراعة والتكنولوجيا والسياحة.
أوزبكستان على أعتاب مرحلة جديدة
لم يكن المنتدى مجرد حدث اقتصادي، بل عكس بوضوح روح “أوزبكستان الجديدة” الساعية إلى الانفتاح والتحديث والتكامل العالمي. فقد أتاح المنتدى الفرصة لتوقيع مئات الاتفاقيات والمشاريع الجديدة، كما شكّل مساحة للحوار المباشر بين النخبة السياسية والاقتصادية الدولية، مجددًا التأكيد على أن الاستثمار يمثل حجر الأساس في بناء عالم أكثر استقرارًا وسلامًا وازدهارًا.