الثلاثاء , 17 يونيو 2025

ملداء نصره تكتب: كهوف الجهل..!

= 2030

Malda Nasra - Copy


لم يكن فرج فودة أو نجيب محفوظ الوحيدين الذين طالهما الجهل من أبناء شعب يسعيان لازدهاره حين تعرضا لمخالب الحقد والتكفير من جهلة لا يعرفون ما يحاربونه بالأصل ..

لازلنا غارقين بظواهرنا المرضية نحارب الحرف و نقدس الخرافة .. نتكلم دون أن نصغي .. ننتقد دون أن نقرأ .. نعارض دون أن  نرى .. وبدلاً من أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي بوابة لتبادل المعرفة والفائدة فهي تدور في بوتقة الشائعة والتضليل..

فلايهتم روادها بتتبع مصدر المعلومات أو التأكد من صحتها بل يتناقلوها ويبنون عليها آراء مسيّرة و مسيّسة وفقاً لانتماءاتهم الدينية أو الحزبية أو العقائدية ..  

ومن الجدير بالاهتمام في ظل الظروف الطاحنة التي تعانيها بلداننا أن يتم الوقوف عند الكم الهائل الأدوات العدوانية التي تساهم بتحطيم الحضارة والتقدم من جهل وحقد و تطرف و رفض للآخر… حيث تذخر المناقشات بها في كل مناسبة وموضوع مطروح ..

فضروري أن يتمرن الإنسان على المرونة الفكرية بحيث يأخذ ويعطي ويتسع أفقه لكل استنتاج و تفسير وإمكانية لأي شيء يطرحه أو يناقشه , ومن المعيب أن يناقش الإنسان ويجادل بشيء لا يعرف عنه الكثير سوى آراء الناس به أو رؤوس أقلام عنه .. فمتى نتعلم أن نقرأ كتابا قبل أن نناقش أحد أفكاره رفضاً أو قبولاً وبصاحبه , متى نتعلم أن نفهم ما يصدمنا من نظريات وأفكار مهما صدمتنا قبل أن نرجمها بتعصبنا لآرائنا ودهشة عدم وعينا بها ؟!

ظاهرة التسرع بتبني رأي لازالت متفشية بكثرة فمن صحافي يكتب عن عمل درامي و فشله أو إبداعه قبل أن يُعرَض بل وقبل أن ينتهي من التحضيرات ,  إلى منظّر سياسي لا يتعب من إلقاء أو كتابة آرائه التي تدور وتلف في حيّز ضيق لا  يتخطى قناعاته ولا يستقطب جوانب الوضع من كل مصادره , فمثل هؤلاء هم من يشجعون ويعملون على استمرار التسرع و التعميم و التضليل فتحذوا الأجيال حذوهم !

منذ مدة كانت إحدى صفحات التواصل تعرض اقتراح لقراءة كتاب من الجدير بالدهشة أن أغلب من علقوا رفضاً وتكفيراً و اتهاماً للكاتب العالمي بالجهل أقروا أنهم لم يقرئوا الكتاب لكنهم سمعواً ! .. نعم سمعوا أن الكتاب يتناول بحث نظرية التطور !!

 وبالنسبة لهم هذا تطرق لموضوع محظور سلفاً ممنوع من التفكر والاستدلال أصلاً .. ثم الصدمة الأكبر أن  الكتاب يتناول بحثا مختلف تماماً ولكنه تم ذكر هذه النظرية على هامش عدة بنود جانبية تتعلق بالجوانب العلمية للكتاب وليس الغوص في النظرية بحد ذاتها .. من المفترض أن يمسك الإنسان بالكتاب وقراءة محتواه ثم الإدلاء بتعليق يعود لوجهة نظره؟! .

إن الأوضاع الراهنة التي اغتالت الأمن والأمان من حولنا يجب أن تدفعنا للاتزان والتقبل والبحث والاطلاع وتفويت الفرصة على كل ما من مصلحته إدامة القلاقل وجعلنا محبوسين في كهوف الجهل .
    

شاهد أيضاً

عزة الفشني تكتب: قافلة الصمود.. مع من.. وضد من؟

عدد المشاهدات = 2365 – القافلة .. ظاهرها حق وواجب دينى و قومى وفى باطنها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.