الثلاثاء , 14 مايو 2024

مرفت العريمي تكتب: عاش الفشل!

= 1584

 

Mervat Oraimy 2


نعيش في هذه الحياة ونمر بتجارب عديدة ومتنوعة  إلا أننا نكتشف في نهاية المطاف أننا قد فشلنا في تحقيق ما كنا نصبو إليه  ونعتقد أننا غير محظوظين إلا أن الفشل ليس له علاقة بالحظ؛ بل هو مرتبط ارتباطا وثيقا بأفعالنا ومعتقداتنا التي تميل إلى السلبية أكثر منها إلى الايجابية؛ حيث إن الأفكار الجديدة والابتكارات لا تلقى تشجيعا، أو اهتماما حتى المتفوقين لا يجددون بيئة حاضنة للتفوق لذلك  لا نسمع عن ناجحون شقوا طريق النجاح بها في المجتمعات العربية  إلا نزر يسير في حين نسمع عن أسماء لمعت وحققت نجاحات منقطعة النظير خارج أوطانها، فالتركيبة المجتمعية  تدعم الفشل وتطرد النجاح .

ومن  منطلق التفاؤل أتساءل هنا: هل نحن مجتمعات أحبت الفشل وتعايشت معه  واصبحنا نخصص المنابر والشاشات لتبرير أسباب الفشل بديلا عن  البحث في سبل النجاح  وتخطي الأزمات  التي تعصف بالمجتمعات العربية الواحدة تلو الأخرى؟ هل ينقصنا المال  ونحن نمتلك ثروات من الطبيعة والموقع المتميز؟ أم  تنقصنا عقول تفكر بمنطق النجاح لا الفشل؟

ويؤكد الواقع الذي نعيش فيه أننا نفتقد إلى الفهم الصحيح لثقافة الفشل  فعند اول حالة فشل  ننكفىء على أنفسنا ويضيق بنا الأفق ونتوتر ويشلّ تفكيرنا ونتوقف أحيانا عن التفكير فيصبح  تأثيره مؤلما لأننا لم نتوقعه  ونبدأ رحلة البحث عن المبررات  تارةً  ويراها بعضنا مؤامرة تارة ويعتقد البعض أنّ الحظ التعس حليفنا تارةً أخرى ثم نتوقف عندها ونرفع راية الاستسلام معلنين عجزنا عن القيام بأي شيء وننتظر أن تمطر السماء ذهبا وفضة وزخات النجاح وتستمر الحياة.

وكم من مجتمعات فقيرة في الموارد الطبيعية صنعت مجدها وأصبحت ناجحة كفنلندا لأنها واجهت الخوف من الفشل وكما يقول جون جاردينر "إننا ندفع ثمنا غالياً من جراء خوفنا من الفشل. إنه عائق كبير للتطور يعمل على تضييق أفق الشخصية ويحد من الاستكشاف والتجريب، فلا توجد معرفة تخلو من صعوبة ولا توجد تجربة تخلو من الخطأ والصواب وإذا أردت الاستمرار في المعرفة عليك أن تكون مستعداً طيلة حياتك لمواجهه خطورة الفشل. 
"
في اعتقادي إننا نفتقد الى ثقافة الفشل والتعامل مع الأزمات لأنه يعتقد البعض منا أن اي تنافس او مشروع  ندخل فيه يعني  النجاح الحتميّ، ونبني الآمال والأحلام على النجاح المنتظر؛ فإن تعرضنا للفشل أو الإخفاق نتعرض لصدمة نتوقف بعدها عن المحاولة وذلك لأننا منذ البداية لم نضع  إلا احتمال النجاح وتناسينا أن نضع الخطط البديلة في حالة الإخفاق وكيف يمكن أن نحاول مجددا..

 وفي الحقيقة علينا أن نعلِّم أبناءنا أنّ  الحياة الواقعية عبارة عن حالات من الفشل والنجاح  فالسعي وراء النجاح  وتحقيق الأحلام قد لا يقود دوما غلى النجاح  وليس هناك من نجاح مطلق او فشل مطلق؛ بل إن الفشل قد يكون الخطوة الأولى إلى النجاح .
 
 وفي مقابل الصورة الذهنية للناجحين هناك صورة سوداويّة للفاشلين تتسم بعدم تحملهم مسؤولية أفعالهم، وإلقاء اللوم على الآخرين، ويصنعون الاعذار لأنفسهم ويكثرون من الشكوى ، ولا يؤمنون بقدراته الذاتية، ولا يلتزمون بالمواعيد ، وغالبا ما يكونون مشتتي الأفكار ويفضلون مصاحبة الفاشلين أمثالهم بمعنى ىخر فغن الفاشل إنسان يمنع نفسه من النجاح ولايحب الناجحين  .

 إن إدارة الفشل، أو الإخفاق علم في حد ذاته فلا نتوقع أن يستطيع الإنسان أن يتعامل مع الفشل إن لم يتعلم كيف يقوم بذلك، فالفشل عبارة عن نتيجة لمجموعة من الأفعال  قد قمنا بها فإن أردنا تغيير النتيجة التي أدت إلى الفشل علينا أن نغير الأفعال التي أدت إلى النتيجة، وتَقَبُّل النتائج مهما كانت للمضي قُدُمًا في الطريق الصحيح طريق النجاح والتفوق  أي علينا التمسك بأهدافنا وإن نغيّر من وسائلنا بالتخطيط السليم..

 هذه المفاهيم واضحة للعيان إلا أن التساؤل الذي لا زلت أبحث عن إجابة له لماذا نحب الفشل ونمجده ونقاوم النجاح بشراسة هل هو الكسل المزمن  أو الخوف من التغيير  أو التعود على الفشل لن نخرج من أزماتنا إلا أن خلعنا ثوب الهزيمة والفشل وارتدرينا ثوب العزيمة والعمل  فلنجاح ضريبة وهي أن نبدأ بتغيير من  المعتقدات التي أدت الى افعال لم تحقق نتائج ناجحة.

—————

مرفت عبد العزيز العريمي – مركز الدراسات والبحوث – مسقط

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 948 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.