أزمة إختفاء وإخفاء أدوية السكر والضغط والقلب…. وغيرها من الأمراض المزمنة تلقى بظلالها من جديد على المصريين، مما يمثل خطراً كبيراً على حياة الملايين من المرضى، ويجب سرعة التدخل لإنهاء هذه الأزمة قبل فوات الأوان.
فى البداية.. يجب أن نعترف بعدم فعالية استراتيجية الشأن الدوائي، وأن الجهة صاحبة الولاء (هيئة الدواء) مازالت تدار بعقلية روتينية، ولابد أن تمتلك رؤية ثاقبة كي تكون مصر دولة متصدرة لإنتاج الدواء وتصديره، مع أن هناك فرصة تصديرية كبيرة لوجود سوق عربي وأفريقي كبير كما أن فرق سعر الصرف يعد ميزة كبيرة للدواء المصري.
وعلى الرغم من وجود إدارة للأزمات فى مجلس الوزراء، وهى معنية بالتحرك قبل حدوث الأزمة وتفاقمها أى استشعارها قبل الظهور .. لكن هذا لم يحدث فيما يخص أزمة الدواء الحالية… علاوة على أن البنك المركزي يوفر حاليا الاعتمادات الدولارية للمواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية
، حيث تستورد مصر حوالى ٩٩% من خامات إنتاج الدواء، وذلك على الرغم من أن أساس تطوير وصناعة الدواء هو مراكز الأبحاث العلمية والصناعات الكيماوية فلماذا ندفع مبالغ طائلة للشركات الأجنبية مقابل إستخدام تركيبة الدواء التی قامت بتطويرها؟
الغريب في الأمر أن الأزمة طالت أبسط أنواع الأدوية رغم تأكيد وزير الصحة أن الدواء خط أحمر، ولهذا يجب وضع حلول عاجلة لأزمة نقص الأدوية في السوق المصري، كما أن أسعار الدواء زادت عن حدها الطبيعى ولابد من وقفة حازمة مع شركات الأدوية مما يؤكد أن هذه الشركات لا تهدف إلا للربح دون رأفة بالمريض وآلامه.
وإذا تناولنا مشكلة ارتفاع أسعار الدواء المصري مؤخرا على أرض الواقع سيتضح لنا أن المواد الخام التى يتم إستيرادها كل ستة أشهر على الأقل يكون الإستيراد على أساس سعر الدولار قبل الإرتفاع….فحجة إرتفاع الدولار أصبحت حجة باطلة فى الوقت الحالى ..
كما أن الازمة الأكبر في التصنيع، ومن المؤكد أن المصنع هو الوحيد القادر علي بيع القديم بسعر جديد بينما الموزع والصيدلي هما من يتحملان فرق السعر.
ومما لا شك فيه أن سوق الدواء في مصر سيعاني من أزمة كبيرة بسبب أن كبار المصنعين في المجال وعلى سبيل المثال السلاسل التي تمتلك شركات توزيع هم المستفيدون من هذه الأزمة، وعلى النقيض تماماً نجد أن الصيدليات الفردية هي المتضررة سواء من نقص الدواء أو التفتيشات والتعقيدات والمتاهات …
في قطاع الدواء نجد أن إنتاج الدواء الحكومي قليل بينما نفس الإنتاج من القطاع الخاص هو المتوفر وبسعر مرتفع مما يضطر المرضى إلى شراء الدواء من إنتاج هذه الشركات .. ومن الرؤية العينية نذهب إلى القول أن راية إنتاج الدواء ستُسلم إلى شركات القطاع الخاص لتحقيق المزيد والمزيد من الأموال مما يؤكد أن الإختفاء تمهيداً لعودة الأدوية بأسعار فلكية هكذا تقول التجارب السابقة..
وبين هذا وذاك يعانى المريض فى الحصول على الدواء وهذا يتناقض مع حق المريض فى الحصول على الأدوية الضرورية لصحته بأسعار فى متناول الجميع.
نتساءل أخيرا: لماذا لا تلجأ وزارة الصحة إلى التصنيع المحلى لسد الفجوة الدوائية، ومن ثم الحد من سيطرة الشركات الأجنبية الكبرى على صناعة وسوق الدواء المصرى؟
وللخروج من هذه الأزمة لابد من وجود قواعد بيانات و نظام يربط جميع الصيدليات بوزارة الصحة لكى يتسنى لوزارة الصحة متابعة المخزون الموجود في كل صيدلية، وضبط السوق وتحديد هامش ربح عادل ومناسب وعلى كل صيدلية أيضاً عدم صرف أى دواء إلا بروشتة مختومة من الطبيب المختص.
نسأل الله السلامة والعافية للجميع.