بعد أن فتحت مصر ذراعيها لإستضافة الآف السوريين الفارين من الحرب والدمار وقدمت لهم المساعدة والرعاية في ظل الأزمة السورية التي دمرت بلادهم وقامت بتقسيم الشعب السوري إلى طوائف متناحرة.. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر ومازالت تبذلها حتى اليوم طيلة أربعة عشر عاماً من أجل راحتهم واستقرارهم.. حتى فوجئنا بشن حملة هجومية شرسة على مصر من قبل بعض السوريين في بعض البلدان السورية بهدف تشويه صورة مصر التي احتضنتهم وقدمت لهم يد العون فقوبلت بنكران الجميل.. مصر لا تنتظر رد جميل من أحد فكن أرقى من أن تنكره.
– متناسياً دور مصر: الشرع يقدم الشكر والثناء لأمريكا
ليس هذا فقط فهناك ما يثير الدهشة والاستغراب اكثر فدعونا نربط الأحداث ببعضها البعض حتى نفهم ما يحدث.. قبل هذه الحملة الممنهجة ضد مصر بأيام قليلة استوقفتني كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع أمام الأمم المتحدة ولا أستطيع أن أتجاوزها لشدة غرابتها حيث أشاد بالسعودية وقطر وتركيا حتى أمريكا قدم لها الثناء والولاء مدعوماً بالشكر.. فعن أى شكر يتحدث ويثني لم أفهم.. هل على تفتيت سوريا وتقسيمها إلى دويلات متناحرة من قبل أمريكا أم تقديمها على طبق من فضة للمحتل الإسرائيلي أم على ماذا الشكر إذاً.. فوحده الشرع هو الذي يستطيع إخبارنا.
وفى ظل خطابه الملئ بالمتناقضات لم يذكر اسم مصر بكلمة واحدة وتناسي متعمداً أنها كانت من أوائل الدول التي فتحت ذراعيها لاستقبال السوريين على أرضها.. ولم تمضي إلا أيام قليلة بعد كلمته حتى فوجئنا بهذه الحملة الممنهجة من المظاهرات لتشويه صورة مصر وتاريخها وهو ما أثار الكثير من الشكوك والتساؤلات حول نوايا القائمين عليها.. ومستقبل العلاقات بين البلدين.. وكيفية تعامل مصر مع هذه الحملة ولمصر مطلق الحرية في التصدى لمثل هذا الهجوم بما يحفظ مكانتها وهيبتها.
فنحن بحاجة إلى دراسة هذه القضية دراسة متأنية وتحليلاً دقيقاً لفهم الأسباب والدوافع وراء هذه الإنتقادات
وهل هي محاولة لتشويه العلاقات بين مصر وسوريا.. أم أن هناك أسباباً أخرى تقف وراءها؟
– مطالبة شعبية بترحيل السوريين من مصر
فى ذات السياق تلك التصريحات المسيئة لمصر ورئيسها أثارت غضبنا جميعاً كمصريين فمن لا يقدر قيمة وتراب هذا البلد الذي يأويه فليذهب بعيداً عنه فسورية بحاجة إليهم وبدلاً من توجيه طاقتهم نحو الإساءة إلى مصر من الأفضل توجيهها نحو المستعمر الإسرائيلي الذي تمكن من بعض المناطق السورية طواعية دون أى مقاومة تذكر .
فمن صميم حقوقنا كمصريين المطالبة بترحيل السوريين من بلدنا رداً على هذه الإساءة والحملة المشبوهة.. فهو تجاوز غير مقبول.. كما أن هذه الخطوة قد تكون ضرورية لحماية المصالح المصرية والإقتصاد الوطني مع الحفاظ على كرامة الشعب المصري.
فمصر والمصريون يستحقون كامل الإحترام والتقدير لما قدموه للسوريين طيلة السنوات الفائتة.. ورد فعلهم على الحملة المنظمة ضدها ما هو إلا أمر طبيعي يأتي في إطار الدفاع عن كرامة ومكانة مصر.
– حملة الإساءة والتشويه وموقف مصر
إن ترحيل السوريين قد يكون أحد الخيارات المطروحة. لكن قبل إتخاذ أى خطوة يجب النظر إلى تداعياته الإنسانية والسياسية.. فهل ستتمسك مصر بالحفاظ على مواقفها المبدئية تجاه اللاجئين السوريين.. أم أن هذه الحملة ستؤثر على سياساتها تجاههم وفي كلتا الحالتين يبقى السؤال قائماً حول كيفية تعامل مصر مع هذه الحملة المغرضة.. ومن المهم أن تتبنى مصر إستراتيجية واضحة ومحددة للتعامل مع هذه القضية.. مع الحفاظ على حقوق ومكانة المصريين
بأى حال من الأحوال نحن على يقين تام بأن هذه الحملة الممنهجة التي تستهدف مصر لن تؤثر على مواقفها الثابتة تجاه اللاجئين وستظل على إستعداد دائم لتقديم يد العون والمساعدة لكل من يحتاجها دون تردد أو تراجع ودون تمييز أو تفرقة.. ولن تتخلى عن مبادئها وقيمها الإنسانية وستبقى مصر ملاذاً آمناً للجميع.. وستظل العلاقات بينها وبين أشقاءها العرب قائمة على أسس من الإحترام المتبادل رغم الحملات الهجومية التي تريد النيل منها.. فمصر عرفت بتاريخها العريق في إستضافة الشعوب المضطهدة.