في ظل التقلبات الإقتصادية التي تعصف بالعالم تأتي زيادة أسعار البنزين والسولار في مصر كصدمة جديدة تضرب جيوب المواطنين وتزيد من أعباء الحياة اليومية.. هذه الزيادة التي تأتي في وقت يشهد فيه الشارع المصري حالة من الاحتقان الإقتصادي.. تضع الحكومة أمام تحدٍ كبير يتمثل في كيفية تحقيق التوازن بين متطلبات الإصلاح المالي والضغوط الإجتماعية المتزايدة.. بينما يرى البعض في هذه الخطوة ضرورة لتحقيق الإستقرار المالي وتقليل العجز. يجد الكثيرون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع واقع مرير يهدد بتقويض آمالهم في حياة كريمة..
وفي خضم هذا الجدل يظل السؤال الأهم كيف ستتمكن الحكومة من تهدئة الناس وتخفيف وطأة هذه الزيادات على المواطنين؟
– أسعار الوقود أضافت عبئاً جديداً على كاهل الأسر المصرية
من مفارقات الحياة وبينما نحن وسط الفرحة العارمة بالجهود التي بذلها الرئيس عبد الفتاح السيسي في رفع اسم مصر عالياً وجعلها فى مصاف الدول الكبرى وإيقاف الحرب على غزة إلا أن هذه الفرحة لم يكتب لها أن تكتمل.. حتى فوجئنا بهذه الزيادة غير المبررة مما أصاب البعض بالإحباط وقضت على أمل الإصلاح.. هذه الزيادة جاءت في وقت كانت فيه آمال المواطنين معلقة على تحسن الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية بعد التهدئة.. خاصةً بعد الجهود الدبلوماسية المصرية والتي ساهمت في تخفيف حدة الصراع مما عزز من آمال الشعب في إستقرار المنطقة. لكن إرتفاع أسعار الوقود أضاف عبئاً جديداً على كاهل الأسر المصرية مما أدى إلى الشعور بالرفض والانتقادات للسياسة التي تتبعها الحكومة واصفين إياها بأنها لم تشعر بمعاناة المواطنين من الزيادة المتكررة في الأسعار والتى لا تتناسب مع قلة الأجور ودخل المواطنين.. وكأن هؤلاء المسؤولين يعيشون في معزلٍ عن الشعب .
نعم نعلم جيداً أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين متطلبات الإصلاح الإقتصادي وضغوط المواطنين اليومية.. ومن وجهة نظر الحكومة أن الزيادة المتكررة في الأسعار تأتي في سياق خطة لتقليل العجز في الموازنة العامة وتلبية شروط حزم الدعم المقدمة من صندوق النقد الدولي. والتى تتضمن خفض الدعم الحكومي للسلع والخدمات بما فيها الوقود مما يؤدي إلى إرتفاع الأسعار.. على أمل أن هذه الخطوات ستحقق استقراراً إقتصادياً على المدى الطويل. لكن في المقابل يعاني المواطنون من ضغوط متزايدة في تغطية تكاليف المعيشة اليومية مما يزيد من الشعور بالانفصال بين قرارات الحكومة وواقع حياة المواطنين.. لذلك تواجه الحكومة صعوبة في التوفيق بين متطلبات الإصلاح المالي واحتياجات المواطنين اليومية.
المثير للجدل أن الزيادات الجديدة في أسعار البنزين والسولار تأتي تنفيذاً لشروط حزمة الدعم التي يقدمها صندوق النقد الدولي لمصر والتي تتضمن خفض أو إلغاء الدعم الحكومي للوقود ومواد المعيشة اليومية.. وعلى الحكومة المصرية أن تقوم بتنفيذ هذه الشروط المجحفة والمهلكة للمواطنين بخفض دعم الوقود تدريجياً حتى نهاية 2025 دون الالتفات إلى الأعباء والضغوطات التي سيواجهها المواطنون وهو ما يبرر الزيادات المتتالية في الأسعار.
– زيادة الأسعار وغضب المواطنين
مما لاشك فيه أن غضب المواطنين من زيادة الأسعار وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم واحتياجات أبناءهم هو رد فعل منطقي ومتوقع.. فالحكومة مطالبة بأن تشعر بمعاناة المواطنين خاصة من هم تحت خط الفقر حتى تتجنب الغضب الشعبي الذي من الممكن أن يؤدي إلى اضطرابات لا حاجة للبلد بها.. ولتحقيق ذلك يتطلب تواصل فعال بين الحكومة والمواطنين لفهم الاحتياجات وتقديم الدعم اللازم مما يساعد على تخفيف حدة التوتر بالإضافة إلى برامج الحماية الإجتماعية والدعم المادي يمكن أن تخفف أيضاً من الأعباء على الفئات الأكثر تضرراً.
إذن لا سبيل سوى التواصل الفعال بين الحكومة والمواطنين لاحتواء الغضب العام وتجنب تفاقم الأوضاع.
– نداء إلى السيد رئيس الجمهورية
سيدي الرئيس…. نحن نلتمس كل الأعذار على ما تحملونه من أعباء جمة وتحديات كبيرة ولكن هناك فئات تعيش في ضنكٍ شديد.
لقد تحمل المواطن المصري الكثير من أجل ما تمر به بلدنا الحبيبة.. لكن الغلاء استفحل واستوحش في كل شيء بدءاً من المواد الغذائية والسلع الضرورية ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية ومستشفيات حكومية وخاصة وأطباء.
ومن المؤكد أن زيادة أسعار النفط والغاز والكهرباء تؤدى إلى تضخم في جميع الأسعار بدايةّ من السلع الإستهلاكية. إنتهاءاّ بزيادة تعريفة وسائل المواصلات
وأخيراً إن رفع أسعار المواد البترولية ينم عن عجز الحكومة في تحسين الإقتصاد ولا يوجد حلول بديلة ورفع الأسعار هو أسهل الحلول.. إذاً لابد من حكومة إقتصادية واعية والبعد كل البعد عن صندوق النقد الدولي…الحكومة الحالية غير قادرة على إدارة البلاد إلا عن طريق الضرائب وزيادة الاسعار.. فلابد من قرارات سيادية وتدخل من الدولة ضد الجشع والاستغلال.
في نهاية المطاف: يبقى الأمل معلقاً في سماء مصر ينتظر من الحكومة أن تفتح أبوابها للمواطنين وتقدم لهم يد العون والمساعدة وتحقيق العدالة الاجتماعية.. لعلها بذلك تستطيع كسر حاجز الصمت بينها وبين الشعب.. المواطن فى إنتظار أن تتحرك الحكومة بكل قوة وحزم لإنهاء معاناته.. فهل ستستجيب الحكومة لنداءات المواطنين أم سيبقى صوتها مكتوماً في أعماق المعاناة؟
حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
