لم تكد تختفي أصداء قضية الطفل ياسين بإصدار الحكم بالسجن المؤبد على الجاني.. حتى باغتتنا فاجعة جديدة هزت المجتمع المصري كله.. التحرش بالأطفال داخل إحدى المدارس.. في عالم يفترض أنه يحمي الأبرياء.. يرتدي الوحش أقنعة الأمان.. في إحدى مدارس اللغات بمنطقة العبور.. تحول حلم الطفولة إلى كابوس.. أربعة موظفين متهمين بالتحرش بأطفال في رياض الأطفال.. صرخات في غرف مغلقة.. دموع لا تنتهي.. وأسر تبحث عن العدالة.. هل نعيش في زمن انهارت فيه القيم؟ أم أننا نغطي الشمس بغربال؟
يا لها من جريمة بشعة كشفت عن ثغرات في منظومة الحماية التي يفترض أنها تحيط بأطفالنا.. وأثارت تساؤلات مؤلمة. إلى متى يستمر مسلسل الانتهاكات في بيئات يفترض أنها آمنة؟ هل نكرر نفس الأخطاء ونكتفي بالصراخ دون تحرك حقيقي؟ وفي ظل صمتٍ قاتل.. يبقى السؤال الأهم.. من يحمي أطفالنا من وحوش في ثياب الأمان؟
هذه ليست مجرد حادثة عابرة.. بل جرس إنذار يطالبنا بمراجعة شاملة لأولوياتنا.. ولن يتسنى لنا السكوت بعد اليوم. فقد آن الأوان لنضع حداً للخوف.. ولنرفع صوت العدالة قبل أن تصبح هذه المآسي عنواناً دائماً لمستقبل أبنائنا.
– صمت الضحايا… حين تخطف البراءة في وضح النهار
الطفل ذلك الكائن النقي الذي يرى العالم بقلبٍ أبيض.. يستغل
بدم بارد.. المنطقة المرعبة.. هكذا وصفها ضحية (5 سنوات) حين روى ما حدث.. مريم وآدم.. وربما أسماء لا نعرفها ضحايا صامتون في إنتظار من ينصفهم.. الأهل يصرخون: أين الأمان؟! والمجتمع يتساءل: هل نربي نماذج مشرفة للمستقبل أم نربى ضحايا؟
بلا شك المنظومة التعليمية والتربوية متهمة بالتقصير: كاميرات معطلة.. إشراف غائب.. وموظفون بلا رقيب.. حتى أصبح التحرش ثمن التعليم.
هذه ليست مجرد جريمة.. إنها إعلان حرب على الطفولة حرب يجب أن تتوقف.. لن نسمح لأحد بأن يسرق براءة الأيام.. لن نكتفي بالدموع.. سنصنع العدالة
فلنرفع الصوت: كفى صمتاً.. كفى إرهاباً.. الحماية ليست خياراً بل مسؤولية.. اليوم قبل الغد يجب أن نعيد للأطفال أمانهم. نعيد لمصر شرفها.. لا تسكتوا.. لا تغفلوا.. الحقيقة تُنتزع.. لا تُمنح.. كارثة التحرش بالأطفال صرخة في وجه المجتمع
شهادات الأطفال كانت مؤلمة: عندما روى طفل (5 سنوات) لوالدته تعرضه لاعتداء داخل “الأوضة المرعبة” – غرفة معزولة في المدرسة. تبعته طفلة أخرى (مريم) بنفس الشهادة، مشيرة إلى “عمو أشرف” كمرتكب لهذه الجريمة
مما جعلنى أتساءل: كيف يحدث هذا في مدرسة؟ أين الرقابة؟
من الواضح أن أسباب الكارثة كثيرة ومتعددة وتعود لغياب الرقابة.. وضعف التوعية بحدود اللمس.. إلى جانب التستر خوفاً من الفضيحة.. بالإضافة إلى الخلل الإداري في تطبيق معايير الأمان.. المجتمع أصبح على صفيح ساخن وثار غاضباً مطالباً بإعدام المتهمين.. ومطالباً الحكومة بتشديد العقوبات وتفعيل خط نجدة الطفل
من المؤكد أن المتضررين يحتاجون دعماً نفسياً وتعويضاً. والمجتمع مطالب بنشر التوعية ودعم القوانين.. أما الأسرة يجب أن تراقب الأطفال وتفتح حواراً آمناً.. هذه الواقعة ليست مجرد حادثة بل جرس إنذار.. إن حماية الأطفال مسؤولية مشتركة.. لن نسمح للصمت أن يكرر المأساة
– البراءة لن تُنسى… والقصاص سيأتى
في ظل صمتنا تباع الطفولة.. وفي ظل خوفنا تصنع الوحوش.. لكن في لحظة واحدة قد تصبح “لا” كلمة تعيد الأمل.. لا للتحرش.. لا للصمت.. لا للتهاون.. لن نُخرس ضحايا الفصول.. لن نكرر “ياسين” مرة أخرى.. العدالة ليست عفواً. العدالة قصاص.. المدارس ليست مرتعاً للجرائم.. بل منارات للأمان.. من يتحرش بطفل يصبح عدواً للمجتمع.. إن إعدام المجرمين حماية للأبرياء. وتطهير للتعليم.. فلا مكان للخوف في مدارس مصر.. الحرية تبدأ بطفل آمن.
فلنكن على يقين أن المجرمين لن يفلتوا.. والعدالة ستنتصر ولو بعد حين.. سنقف خلف الضحايا حتى ينال هؤلاء المتحرشون جزاءهم.. لكن العلاج الحقيقي يجب أن يبدأ بالمنع.. تعليم الأطفال حقوقهم.. وتدريب المدرسين.على ذلك. وتشديد العقوبات.. المناهج أيضاً يجب أن تدرب على الحماية لا التلقين الأعمى.. والأهل عليهم فتح أبواب الحوار دون خوف. غداً سيكبر هؤلاء الأطفال فإما أن يخرجوا أقوياء.. أو أن يبقوا جرحى.. نحن من يختار.
في ختام هذه الكارثة التي هزت أركان المجتمع لا نودع الضحايا بدموع الضعف.. بل نمهد لهم طريق العدالة.. مريم وآدم وأطفال آخرين لن يكونوا رمزاً للصرخة التي لن تُسكت اليوم.. نحن جميعاً نرفض التطبيع مع الظلم.. لا مكان للخوف لا وقت للصمت.
فلننهِ هذه الوحشية.. أبلغوا عن أي شك.. وادعموا الضحايا نفسياً.. وطالبوا بالعدالة.. القصاص ليس انتقاماً بل إنصاف. والحماية ليست فضلاً بل حق.
حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية