الأربعاء , 24 أبريل 2024

عبد الرزّاق الربيعي يكتب: (نوبل) الخطأ الوحيد.. والحملة الشيطانيّة

= 1458

هل سيحسم الخنجرُ الذي حفر عشر طعنات برقبة وبطن الروائي سلمان رشدي الجدل الذي يشتدّ هذه الأيام، بسرّيّة تامّة، في الأكاديمية السويدية بستوكهولم، بشأن تحديد اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب الذي سيعلن عنه يوم الخميس المقبل، فتصدر حكمها لصالح الكاتب البريطاني الهندي الكشميريّ الأصل تضميدا لجراحه؟

وهل ستضع الأكاديمية السويدية في حسبانها الحملة التي أعلن عنها الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي في مقال نشرته صحيفة( لو جورنال دو ديمانش) مؤخّرا مطالبا بـ(وجوب) منح جائزة هذا العام لكاتب( آيات شيطانيّة) التي نزف بسببها الكثير من دمه المداف بالخوف، والظلام، وسنوات من العزلة المدجّجة بالحرس الشخصي منذ أن أطلق الخميني فتواه التي هدرت دمه في 14 فبراير 1989 م، ولم تكن كل سنواته بعد الفتوى تسير على وتيرة واحدة، فقد منحته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لقب فارس عام2007م، فوفّر له اللقب مساحة من الأمان لم تكن كافية، ولم تقف حائلا بينه وبين الخنجر الذي سدّد له الطعنات العشر في 12 أغسطس الماضي في نيويورك ؟

تقول إحدى الإحصائيات” أن 35%من الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب هم من اللّادينيّين” كما ورد في “ويكيبديا”، فهل سترتفع النسبة هذا العام؟

لاسيّما أنّ تاريخ الجائزة التي تأسست عام 1900م تنفيذا لوصية الفريد نوبل مخترع الديناميت، لا يخلو من علامات الاستفهام، والجدل الذي يظلّ مستمرا، فلم تسلم من الانتقادات، ولم تنجُ قرارات الاكاديمية من الطعن، خصوصا أن الجائزة مُنحت لأسماء لم تقدّم ما قدّمته شخصيات مبدعة لها مكانة عالية في نفوس القرّاء ورفوف المكتبات، ولم تنلها: كتولستوي، وإميل زولا، وبورخس وكازنتزاكي، وعزرا باوند، فالجائزة مسيّسة، كما يرى منتقدونها، بدليل أنّ كتّابا معارضين لسياسات بلدانهم الشمولية، ومطاردين، نالوها بجدارة، ومن بينهم باسترناك الذي رفضها بعد ضغوطات تعرض لها من حكومته، بعد منحها له عام 1958، فحورب بشدة، وتوفي بعد ذلك بعامين! واستورياس التي نالها عام 1967 وقضى معظم حياته منفيا في أمريكا الجنوبية وأوروبا وسلجنيتسين الذي نالها عام 1970 وكان من أشدّ منتقدي النظام السوفيتي، فأمضى حياته مطاردا من قبله وسواهم كثير.

وللصهيونية العالمية يد طولى عليها، ويكفي أن العرب مستبعدون عن الجائزة، ولم تُمنح لكاتب عربي إلّا مرة واحدة عام 1988 م ، وكانت، كما هو معروف، من نصيب نجيب محفوظ، بعدها انتعشت آمال العرب، لتعزيز وجودهم بنوبل ثانية، ربما تكون من نصيب شاعر عربي باعتبار أن العرب أمّة شعر، ويشهد على ذلك تاريخها، غير أنّ نوبل محفوظ الذي هو الآخر طعن في رقبته في 14 أكتوبر1995 م ظلت” بيضة الديك ” على حدّ قول بشار بن برد:

قد زرتنا زورة في الدهر واحدة
ثني ولا تجعليها بيضة الديك

وكثيرا ما كان الدكتور عبد العزيز المقالح يكرّر، حينما يدور حديث عن حظوظ العرب بنوبل، خصوصا أن أدونيس رشّح لسنوات لها، وكذلك محمود درويش وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وآسيا جبار، وإبراهيم الكوني، فيقول بلغة ساخرة ” لقد (أخطأت) الأكاديمية السويدية، مرّة واحدة، فمنحت الجائزة لكاتب عربي، ولن تكرّر (خطأها)حتى قيام الساعة!”، ومن الواضح أن آمال العرب بنيل الجائزة تراجعت في السنوات الأخيرة، وصاروا يؤمنون بالأمر الواقع، فهدأت التكهنات الإعلامية التي كثيرا ما علّقت الآمال على فوز أدونيس بها، حتى أن صحيفة( أخبار الأدب) المصريّة في عددها الجديد، لم تشر إليه، ولم تعدّه من المنافسين، بينما اعتبرت سلمان رشدي المنافس الأبرز ووضعت صورته على الغلاف متوسّطا المنافسين ! انسجاما مع حملة (ليفي) ذي التأثير في الأوساط الثقافية الدولية، الذي لم يكن سيقودها لولا معرفته بخفايا الجائزة ودهاليزها التي تُطبخ فيها النتيجة النهائية، خصوصا أن حادث الاغتيال الذي تعرّض له سلمان رشدي جوبه باستنكار عدد كبير من الأوساط الثقافية، التي اعتبرته اعتداء على حرية التعبير.

لكن علينا الّا ننسى هناك أسماء من الوزن الثقيل ستدخل معه حلبة المنافسة، حسب تكهّنات المراقبين، ومن بين الأسماء المطروحة للتنافس سنويا: الإلباني إسماعيل كادرايه والمجري بيتر ناداش والهندي فيكرام سيث والروائية الكندية مارجريت أتوود والروائي الفرنسي من الأصول التشيكية ميلان كونديرا المرشّح الدائم للجائزة التي تليق بنتاجه الروائي، مثلما بالكاتب الياباني هاروكي ماروكامي الذي هو الآخر يستحقّها.

فإذا نال الكاتب البريطاني سلمان رشدي الجائزة، تقديرا لنتاجه، فهذا أمر مقبول، لكن ليس(مكافأة ) له، كما ذكر برنار هنري ليفي في حملته، ولكن عنصر المكافأة يقع خارج معايير التقييم، كما هو مفترض، فإذا وضع المسؤولون على الجائزة هذا المعيار في المفاضلة مع المنافسين، ورجحت كفّته، فتلك مسألة فيها نظر!.

 

شاهد أيضاً

الجمعة المقبل.. افتتاح جناح سلطنة عُمان في بينالي البندقية الدولي للفنون 2024

عدد المشاهدات = 7044 مسقط، وكالات: تشارك سلطنة عُمان يوم الجمعة القادم بجناح في الدورة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.