قُدّر لي حضور مناظرة طلابية في إحدى الجامعات المصرية، وقد أحسنت الجامعة اختيار عنوانها حين طرحت سؤالًا شديد الأهمية:
“هل يجب إخضاع المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لرقابة قانونية تضمن مسؤوليتهم المجتمعية؟”
ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه وأقول :
الحقيقة أن هذا السؤال – رغم بساطته في الظاهر – سؤال كبير، تتباين حوله الآراء، وتختلف بشأنه المواقف. لكنني أرى أن الإجابة لا تحتاج كثيرًا من التردد، فالأمر واضح: نعم… يجب إخضاع هؤلاء المؤثرين للرقابة.
وليست هذه الرقابة تكميمًا للأفواه، كما قد يتصور البعض من الوهلة الأولى، بل هي ضرورة للوصول إلى حرية مسؤولة ومنضبطة، فحرية بلا مسؤولية ليست حرية، بل فوضى.
إن متابعة ما يقدمه معظم المؤثرين تكشف بوضوح أن القليل فقط منهم يمتلك محتوى حقيقيًا نافعًا، بينما أغلبهم لا يقدم شيئًا سوى التفاهة، والإشاعات، وإثارة الغرائز، وإشعال الفتن… كل ذلك في سبيل جمع المزيد من المتابعين والمال، ولو على حساب وعي شباب هذا الوطن وأمنه الاجتماعي.
ولذلك فإن الرقابة – بل والمحاكمة أحيانًا – ليست رفاهية، بل واجب وطني.
أيها السادة… لا تستهينوا بالكلمة.
فقد قال سيدنا الحسين رضي الله عنه:
“ما دين المرء إلا كلمة، وما شرف الرجل إلا كلمة، والكلمة فُرقان بين نبي وبغي. الكلمة لو تعرف حرمة؛ الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور. الكلمة نور ودليل تتبعه الأمة.”
فهل نترك هذه الكلمة الخطيرة في يد جاهل؟
أو صاحب هوى؟
أو من تُحرّكه جهات خارجية؟
أو من لا يريد إلا مالًا سريعًا تحت ستار زائف اسمه “حرية التعبير”؟
إذا كان الطبيب – رغم دراسته وتخرّجه – يُمنع من ممارسة الطب إذا كان غير كفء أو غير أمين،
فكيف نسمح لمن هو جاهل أصلًا، بل ولأصحاب الأغراض الخبيثة، أن يمارسوا التأثير على الملايين بلا رقيب ولا حسيب؟
كيف نتركهم يهدمون الوطن، ويفككون الأسرة، ويعبثون بعقول جيل كامل من شبابنا؟
نحن لا نرفض حرية الكلمة…
بل نرفض الفوضى باسم الحرية.
نريد الكلمة المنضبطة، الكلمة التي تبني ولا تهدم.
منذ عام 2011 وحتى اليوم، ظهر ما يسمى “المؤثرين” بكثرة، واتضح أن كثيرين منهم لم يكونوا إلا ممثلين على الناس، يلعبون بمشاعرهم، ويستغلون جهل البعض، ويستخفون بعقول الجميع.
حتى وصل الأمر بأحدهم أن يدّعي أن مفتي الديار المصرية مسيحي!
( يا راجل دا انت حتى في الكذب فاشل!!! )
وآخر يتهم الشيخ الشعراوي – رحمه الله – بأن أفكاره تدعو إلى الإرهاب!!!
أيّ عقل يصدق هذا؟
وأيّ منطق يقبله؟
لقد وقعنا ضحية لكثير من هؤلاء.
وحان الوقت لنقول: كفى… لن يكون هناك ضحايا جدد.
حفظ الله مصر… أرضًا وشعبًا وجيشًا وأزهرًا.
———————————————————
* كاتب صحفي – موقع حياتي اليوم
حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية