حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
فوجئ المصلون في مسجد السيدة نفيسة بمجموعة من الزوار بدا مظهرهم مختلفا عن مريدي صاحبة المقام من الفقراء وأصحاب الحاجات، بسبب مظاهر الثراء البادية عليهم من البدل الأنيقة والعطور الفرنسية التي عبأت المكان، الي هنا كان المنظر مقبولا إلا أن ما لفت الأنظار وأثار دهشة بقية الزائرين هو التصاق أصحاب البدل الفارهة بأعمدة المقام وانخراطهم في بكاء مرير، بينما اختلطت أصوات الدعاء بالدموع فكان تمييز الدعوات صعبا أحيانا ومفهوما في أغلب الاحيان، إلا أن أكثرهم تأثرا وبكاء بكلمات واضحة مسموعة كان يدعو ويقول: يارب ما تحكم عليَّ أبقي من الوزرا اللي هيتغيرو والنبي يارب!! يارب ده انا غلبان وما لحقتش أعمل حاجة..أنا مالي إن محطات الكهربا بتفرقع وتتحرق ! ولا رؤساء الشركات مش نافعين..ولا إن الوزارة خربانة !!
انت يارب اللي عالم بحالي، أنا كل اللي طالبه أستني شوية، أنا لسه ما شبعتش من الوزاره، ده أنا ما قعدتش غير في تشكيلين اتنين ! وما لحقتش اتهني.. وبرضه يارب ماهي الكهربا في مصر لسة مانهارتش..يبقي انا امشي ليه !! النبي يارب ما تكسفني !!..
وانخرط الرجل في بكاء مرير، لم يقطعه إلا يد زميل له من ذوي الياقات المنشاة والعطورالفرنسية وهو يربت علي كتفه مواسيا: سايق عليك النبي ما توجعش بطني أنا كمان قلقان زيك والإمساك مش راضي يحل عني..تصور يا إكسلانس إني بعاني من إسهال وإمساك في نفس الوقت…! أي والله زي ما بقولك كده، من يوم الريس ما أعلن إنه هيكون فيه تغييرفي الوزرا، ومع إني لبدت في الكرسي في التلات تغييرات اللي فاتو، بس المرة دي مش متطمن!!
مالي أنا وإيه ذنبي إن السياحة مش راضية تنتعش !! وإن السياح اللي بيزوروا مصر جايين شارتر! ما أنا مقطع نفسي زيارات وفسح ومؤتمرات وباعمل كل اللي اقدر عليه، لأني ما اعرفش اعمل ايه تاني! أنا كده ! وقدراتي كده! وفكري وقف وهنج علي كده ! ذنبي إيه أنا.! وانخرط مع زميله في البكاء..!
وهنا سمع الحاضرون صوتا أجش يقول بوشوشة : خلاص بقي يا جماعة هتفضحونا وسط المقام والناس هتعرفنا..مانا كمان زيكم في الهوا سوا، وشكلها كده هتطير مني. الفلاحين قرفانين، والريس طلع طبطب عليهم وأخد قرارات لصالحهم وأنا حاسس إن آخرتي قربت!
وهنا قاطعه صوت ثابت رخيم خرج من بين أصحاب البدل يقول..كلنا لها..الريس شكله يأس مننا كلنا..ذنبي إيه أنا إن التلاميذ ما بيفهموش ! والتعليم مش نافع معاهم، وان العيال بتتخرج من المدارس تطلع جهلة ! ولما نعمل لهم وجبات تطلع فاسدة والعيال تتسمم!
وهنا ظهر صوت خفيض يقول.. لو حد شافني معاكم هنا مستقبلي هيضيع.! أنا طاوعتكم وجيت معاكم علشان أدعي من المكان الطاهر ده، يمكن تحصل معجزة واستمر في مكاني..وندر عليَّ لو فضلت مكاني مش هامنع أرض عن مستثمر عاوز يبني مصنع، وهاخد قرارات لمصلحة الناس مش لمصلحة حبايبي من المستوردين والمصدرين، وهاحاول أشتغل بضمير بعد كده، بس انا كمان يارب من حقي أخد فرصة رابعة ! هو ما فيش حد بيغلط في البلد دي غيري!! ولا اللي هييجي هيبقي أحسن مني !!
وهنا قاطع الجميع صوت خادم المسجد الجهوري بنبرة واثقة فككت أوصال أصحاب المعالي ( المرتعشة أصلا ) قائلا :إنت يا أستاذ إنت وهو..إنتم مين؟ أول مرة نشوفكم هنا..! إنتو مضايقين الناس بوجودكم وبالحاشية اللي حواليكم ليه؟ فاكرين إنكم في الدنيا لوحدكم!! يالا يا عم انت وهو بره.. بره لو سمحتم.
——————-
داليا جمال كاتبة بأخبار اليوم
