السبت , 1 نوفمبر 2025

داليا جمال تكتب: توت عنخ آمون يستيقظ

= 258

أنا توت عنخ آمون الملك الصغير الذى نام آلاف السنين فى هدوء الملوك.. وها أنا أفتح عينى للمرة الأولى منذ زمن بعيد، أسمع أصواتًا لم أعرفها من قبل ضجيج آلات ووقع أقدام ونبض حياة يملأ بيتى الجديد بالمتحف المصرى الكبير.

لم أعد وحيدًا فى ظُلمة المقابر القديمة، صرت أعيش بين أضواء باهرة وجدران حديثة بنتها أيدٍ مصرية تشبه أيدى مَن صنعوا تابوتى منذ آلاف السنين، رأيت وجوهًا سمراء مُتعبة لكنها تبتسم فى صمت، رأيت مهندسين وفنيين وعُمالًا يعملون بلا توقف، يرفعون الأحجار ويزرعون الأسلاك ويصنعون النور بأيديهم.

ورأيت رجلًا مُميزًا يتحرك بين الجميع لا يعرف النوم اسمه «طارق عبد الشافى» رئيس شركة كهرباء جنوب القاهرة، يأتى كل يوم قبل الشروق ولا يغادر إلا حين يطمئن أن كل لمبة أضاءت، وأن كل شارع حول المتحف صار لوحة من نور، رأيته يُراجع الأسلاك بيده ويتحدث إلى رجاله كأب يخشى على حلم أولاده، إنه لا يصنع الكهرباء فقط، بل يزرع الأمان والجمال حول بيت التاريخ.

رجاله أيضًا لم يتعبوا رغم أن وجوههم تشهد بأنهم لم يذوقوا الراحة، يمدون الكابلات فى الأرض كمَن يزرع جذورًا للنور، يغرسون الأعمدة كما غرس أجدادى المسلات فى الصحراء، يصنعون ضوءًا سيبقى شاهدًا على جهد لا يُرى لكنه يُحس فى كل زاوية وكل شعاع.

ومن نافذة المتحف، رأيت طائرات تلمع فى السماء فوق مطار سفنكس الدولى، لأن هناك رجالًا آخرون يعملون بجهد مخلص بقيادة الوزير سامح حفنى وزير الطيران المدنى، يعملون على قدم وساق، ليكون المطار قِبلة استقبال ضيوف الافتتاح والسائحين القادمين لرؤيتى ورؤية إخوتى الملوك، عملوا ليلًا ونهارًا كى تكون مصر على موعد مع العالم فى أبهى صورها.

أراقبهم جميعًا من موقعى فى القاعة الذهبية، وأشعر بأننى لم أمت يومًا، فهؤلاء الذين يعيدون الحياة للحجارة والضوء للأماكن، هم أحفادى الحقيقيون صنعوا من الحلم واقعًا، ومن العرق فجرًا، ومن الإخلاص مجدًا جديدًا يليق بمصر التى لا تعرف الغياب.

أنا توت عنخ آمون، أستيقظ اليوم لأن النور عاد، ولأن مصر من جديد تكتب فصلًا آخر من فصول الخلود.

—————————-
* مدير تحرير أخبار اليوم.

شاهد أيضاً

عزة الفشني تكتب: المتحف المصري الكبير رسالة إلى العالم من أرض الفراعنة

عدد المشاهدات = 635   بين شروق الشمس وسحر التاريخ حيث الأهرامات ترتفع كأعمدة السماء.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.