الخميس , 16 مايو 2024

جيهان السنباطى تكتب: العقول الهاربة..!

= 1438

Gehan Sonbaty


الشباب هم عقل الأمة ,هم درعها وسواعدها ,هم حاضرها ومستقبلها ,هم النبتة التى يجب على الوطن الإهتمام بها ورعايتها حتى يحصد خيراتها , هو الأمل هو التفاؤل هو الغد المشرق ,هو شموخ وكبرياء هذا الوطن , ولذلك إذا أردنا النهوض ببلادنا فلابد أن ينصب إهتمامنا على كيفية تنمية الشباب فكرياً وعلمياً وتثقيفياً وإجتماعياً وسلوكياً ودينياً حتى ننشىء جيلاً صالحاً يحمل على أكتافه مسئؤلية النهوض بوطنه .  

الواقع فى الأمة العربية عامة وفى مصر خاصة يشير الى أن الشباب يعيش حالة من الإحباط واليأس حيث أنه يرى أنه بعيداً تماماً عن إهتمامات الدولة وكثيراً مايتحدث عنها بحسرة شديدة بسبب إهمالها له وعدم رعايتها له وخاصة بالنسبة للعقول المبتكرة النايغة فقد اضطر نحو 824 ألف عالم مصرى الى الهجرة الى الغرب بسبب تردى أوضاع البحث العلمى وغياب الدعم المادى فى بلادهم واستطاعت تلك العقول ان تحظى فى الخارج على الاحترام والتقدير مثل أحمد زويل وفاروق الباز ومجدى يعقوب ويحيى المشد وغيرهم … ولكنهم فى النهاية اصبحوا عقول وطنية بصناعة غربية .

الأمر لايقتصر على هؤلاء فقط فهناك الالاف من العلماء والباحثين والخبرات المصرية مازالت تبحث عن طريق للهجرة ومازالت هناك عقول صغيرة تبتكر وتقدم إختراعات جديدة تحتاج الى من يساندها ويساعدها على الاستمرار ولكن من يهتم ومن يحترم تلك العقول فمصر مازالت لاتهتم بالمخترع الصغير ولا الكبير ,وتنظر اليه بضئالة وإستهزاء وكأنه مخلوق فضائى رغم أنها غنيه بالعقول النابغة التى تقدم يومياً إختراعات جديدة تستحق الاهتمام والتنفيذ فالطفل المصرى من أذكى أطفال العالم .

وتشير دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي أن هناك حوالى 54 ألف عالم وخبير مصري في الخارج يعملون في مختلف التخصصات العلمية من بينهم 11 ألفا في تخصصات نادرة و94 عالما في الهندسة النووية و36 في الطبيعة الذرية و98 في الأحياء الدقيقة و193 في الالكترونيات والحاسبات والاتصالات.

كما تؤكد الإحصائيات ذاتها أن عدد العلماء المصريين بالخارج من ذوي التخصصات النادرة يقدرون بنحو 618 عالما منهم 94 عالما في الهندسة النووية. و26 في الفيزياء الذرية و48 في الكيمياء. و25 في الفلك والفضاء و48 في البيولوجي والميكروبيولوجي و46 في إستخدامات الأشعة السريمية و22 في الجيولوجيا وطبيعة الزلازل و67 في المؤثرات الميكانيكية و66 في الكباري والسدود و93 في الاليكترونيات و72 في استخدامات الليزر و31 في تكنولوجيا النسيج.

ورغم تميز مصر بثروة تعد من أهم الثروات فى العالم وهى العقول النابغة الا ان تلك العقول لم تجد فى مصر من يساعدها ويقف بجانبها وينميها مما جعل أغلب المخترعين المصريين يشكون من إهمال الدولة وعدم تقديرها لهم بل, وتعمد دفن مواهبهم من خلال مرءوسيهم الأقل كفاءة ,ومحاربتهم ,وعدم إتاحة الفرصة للبحث والإبداع والتفكير والتطوير , ونمو ظاهرة الوساطة التي تعتبر من وجهة نظري قاتلة لأي موهبة مما يفتح الباب امامهم على مصراعيه الى هجرة هذه العقول للخارج .

فعلى الدولة الاهتمام بالعلم والعلماء كما تفعل الدول المتحضرة ,حتي تحافظ علي أهم ثروة في العالم وهي العقول المبدعة ,والى أن يتحقق ذلك فلا يحق لنا الغضب من العقول الهاربة او القاء اللوم عليها لانها تركت وطنها وإرتمت فى أحضان وطن آخر إحتضنها وإهتم بها وقدم لها المساندة المادية والمعنوية ,ولايحق لنا أن تلقى اللوم على الدول الآخرى التى تستقطب هؤلاء النوابغ وإتهامها بسرقة العقول المصرية فلو كانت أوطانهم منحتهم الحب والامان والدعم ماكانوا لجأوا لغيرها.

وإن أردنا إلقاء اللوم على أحد بسبب هجرة العقول المصرية للخارج فلنلقى اللوم الحكومات الغافلة التى لاتهتم بالعلم والعلماء , ولاتهتم بابنائها النابغين , ولاتقدر عقولهم , فتهملها وتستورد عقول أجنبية من الخارج وكأنها تتحداهم , فلو أنفقت الحكومات والأنظمة العربية على البحث العلمي ربع ما تنفقه على الراقصات والفنانين والفنانات وألوان الترف لدى الفئات الحاكمة؛ ما اضطر آلاف الشباب والنخب العلمية والفكرية إلى الهرب إلى جنة الحرية الأكاديمية في بلاد الغرب ! .

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: الاحتلال بالأفكار وليس بالسلاح (١)

عدد المشاهدات = 3589 التاريخ يؤكد أن جميع القوى العظمى التى احتلت غيرها من الدول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.