الجمعة , 26 أبريل 2024

وفاء أنور تكتب: إنكِ حقًا سيدتي الجميلة

= 4678

كانت صدفة “الفنانة شويكار” في مسرحية سيدتي الجميلة” تعيش في حيها الفقير بين شخصيات عاتية في الإجرام وسط وجوه تتجمل بمساحيق من الغبار الداكن تعلمت صدفة أن ترى بأعينهم ، وتؤمن بما علمها لها والدها اللص المحتال حسب الله بعضشي “الفنان جمال اسماعيل” لم تفكر صدفة وهى تعيش بينهم في الخروج على عادات هذا الوسط الموبوء، ولم تجد فيه ما يدعوها أن تتخلص منه بقدر ما جعلها تعيد تسمية المواقف بأسماء أخرى تناسب مفاهيمها المحدودة، وتواكب ما تعيشه معهم من يوميات وأحداث، فالسرقة شطارة، والسوقية جدعنة، والتحايل والنصب فهلوة.

وجاء كمال بك الطاروطي “الفنان فؤاد المهندس” على غير توقع منها ليرى فيها بعبقريته ما لم يره الجميع، ويقرر أن يغامر، ويتحدى الجميع في أنه قادر على تعليمها فنون الإتيكيت، ليقدمها على أنها زوجته لصفوة المجتمع حينها وعلى رأسهم الوالدة باشا بل والخديوي نفسه.

إن كل هذا العلم والأدب الذي تلقته على يد متخصص من الطبقة الراقية وكما بدا لنا في الفصل الثاني من المسرحية أنها قد تفوقت عليه شخصيًا في غزارة المعلومات التي حصلت عليها بالقراءة والاطلاع من فرط إيمانها بأنها وجدت ذاتها في هذا الطريق الصحيح، وقررت ترك كل ما يذكرها بماضيها المخجل وتمحوه من ذاكرتها.

ويأتي السؤال المهم في تلك اللحظة : كيف ستعود صدفة الجديدة بعد انتهاء مهمتها إلى ماض يعج بالشر! هنا فقط ستتحول نظرات الامتنان إلى مشاعر مملوءة بالكراهية لقد حول نعيمها إلى جحيم حين تركها لاتعرف إلى أي مكان تذهب لقد كان أنانيًا حين علمها فقط ليخرج من مأزقه على حسابها، نسى أنها إنسانة لها قلب ومشاعر وعقل رشيد دفعها إلى طريق التغيير للأفضل.

إنها المعادلة الصعبة، إنها الجريمة الكبرى في حقها أن تتركها وحدها، فكيف لها بعد أن أصبحت هكذا إنسانة راقية ، مثقفة ، لطيفة ورقيقة أن تعود لبيئتها الأصلية بعد أن اتسعت مداركها، وارتقت، بل وطورت ذاتها عن قناعة بأنها إنسانة لاتقل أبدًا عن سيدات الطبقة الراقية إنها أيضًا تفوقت عليهن فأغلبهن كن تافهات، فارغات، شعرت صدفة بالضياع، ولكنها قررت ألا تعود، فمخزونها الكبير من رصيد الظروف السيئة التي واجهت أغلبها بقوة وصلابة الرجال ساعدها بعض الشيء في اتخاذ أجرأ قرار في أن تبقى بعيدًا، وترفض الرجوع للخلف.

الجريمة الحقيقية في حق صدفة أن كمال بك قام بتعليمها لأهواء شخصية، وقد سقطت منه إنسانيته عندما نسي فيها الإنسانة إنها ليست آلة أو لعبة يمسك بخيوطها ويحركها كيف يشاء حين يشاء ثم يقرر بعدها قطع كل خيوطها لتسقط في بحار من الحيرة، الجرم الأكبر ألا يخطط لها سبيلًا يضمن لها سلامها النفسي فهو من علمها كل قيم الحق، والخير والجمال وبعد كل هذا يأمرها بالعودة إلى سابق عهدها إن هذا أشبه بحكم بالإعدام عليها، كيف لشجرة كبيرة تحمل أوراقًا ، وثمارًا أن تعود إلى سابق عهدها نبتة صغيرة تكاد أن تدوسها الأقدام.

وأخيرًا انتبه كمال بك لهذا الجرم الذي كان سيرتكبه في حقها، وقرر الارتباط بها بعد أن رأى فيها كل مايتمناه الرجل في امرأة، فهى إلى حدٍ كبير كانت من صنيعة أفكاره.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3281 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.