الجمعة , 26 أبريل 2024

همسات نفسية| عقاب الأطفال..!

= 6841

بقلم: عادل عبدالستار

كنت اسير فى الطريق امس وشاهدت أم تضرب ابنها (طفل لا يتجاوز السابعة او الثامنة من العمر) رأيتها تضربه وكآنها تثأر منه لنفسها… حينها قلت لنفسى لوأن تلك الام قرأت قليلا عن هذا الامر ربما كان فعلها تغير… لأن القاعدة تقول… المعرفه تصنع المفهوم… والمفهوم يصنع السلوك… ومن هنا جاءت فكرة المقال وعنوانه ورسالته… وأقول:

حين رأيت هذا المشهد بدات فى البحث والتحضير لهذا المقال وشاء الله ان اعثر على كلام يكتب بماء الذهب فضلا عن ماء العيون لاحد أكابر الطب النفسى وهو الدكتور يحى الرخاوى… وقد اشار الرجل الى عقاب الطفل فى المراحل الدراسية الأولى، ومدى تأثيره على نفسيته فى الطفولة، وفى المراحل التالية من العمر وأشار الى أن فلسفة العقاب بصفة عامة ينبغى أن تكون نصب أعين المربين جميعا، سواء كان المربى هو مدرس فصل، أم والد، أم والدة، أم مربية، أم غير ذلك فمن حيث المبدأ لا بد من عقاب وثواب، عقاب على الخطأ، وثواب على الإنجاز لكن ثمة شروطا ينبغى توافرها.

فمن الذى يعاقب؟ ومتى يعاقب؟ وما هى أنواع العقاب؟ وهل كل عقاب يصلح لكل سن؟ وما معنى العقاب…؟
ذلك أن الناس تختلف فى هذه المسألة ما بين موقف متساهل تماما يمنع العقاب (البدنى) خاصة منعا باتا وبين موقف متشدد يتصور أن الإيلام، والجرح، هو كاف لتعديل السلوك، وأحسب أن كلا الموقفين خاطئ… لذلك سوف نوضح بشكل عام هذا الأمر، دون الدخول فى التفاصيل على الوجه التالى:

فلا بد من الاعتراف بأن الطفل لا بد من أن يعاقب والطفل الحديث الولادة، قبل أن تكون لديه ذاكرة تستوعب، أو قدرة ربط بين الأمور، أو قدرة استيعاب الخبرات، إذا ما عوقب (وبعض الأهل يفعلونها فى هذه السن المبكرة) فهذه جريمة لا أكثر ولا أقل ثم تبدأ جدوى العقاب مع التدرج فى السن وفى سن المدرسة الابتدائية، وقبل ذلك فى الحضانة المتأخرة يصبح العقاب ذا فائدة وجدوى شريطة أن يكون مناسبا… ولكى يكون مناسبا لابد من توافر الشروط التالية:

1- أن تكون هناك علاقة وثيقة بين الشخص الذى يعاقب وبين الطفل، ومعنى كلمة علاقة معنى خطير وعميق، إذ لا يكفى أن يكون الوالد موجودا بالمنزل لنزعم أن ثمة علاقة، فكثيرمن الآباء يتواجدون جسديا ولا يتواجدون عاطفيا، أو تربويا ولكن المقصود بالعلاقة، هو مثول الآخر فى الوعى، أى يكون الآخر، وخاصة طفلى هو جزء من وجودى حقيقة وفعلا، وهذا هو السبيل الوحيد، وخاصة فى السن الأصغر لأوصل رسالة ذات مغزى لطفلى، والعقاب فى عمقه ليس إلا رسالة تصل للطفل لتعديل سلوكه.
2- أن يكون العقاب متدرجا، فيبدأ بالنهر اللفظى وقد يتدرج حتى الكف البدنى.
3- أن يكون مناسبا لحجم الخطأ… وكما نقول دائما ليس من المنطق ان نضرب ذبابه بصاروخ مثلا!!!
او اننا نعاقبه عقاب شديد للغايه لمجرد انه لم يغلق باب الشقه خلفه بعد دخوله البيت وهكذا
4- أن يكون الخطأ معروفا مسبقا أنه خطأ، فكثير من الأطفال يرتكبون أشياء لا يعلمون أنها خطأ أصلا، وفجأة يلقون عقابا شديدا على إتيانها، فالطفل الذى يقف فجأة فى الفصل دون إذن فى أول حصة يحضرها فى الابتدائى مثلا، لم يكن يعرف أن هذا ممنوع أصلا، وفجأة يجد العقاب قد دهمه دون سابق إنذار، هذا خطر وممنوع تماما.
5- أن نتجنب العقاب بالحرمان، فالحرمان أقسى من المواجهة، وإن كان يبدو أرق وأخفي، ثم أن الحرمان موقف سلبى، فى حين أن بعض العقاب الجيد هو الذى فيه علاقة، وحوار، ومواجهة.
6- ثم لا بد من أن يأتى العقاب عقب الخطأ مباشرة، فتأجيل العقاب قد يجعله يأتى فى الوقت الذى يكون الطفل فيه قد أتى عملا حسنا، ونسى ما اقترف من خطأ، وفى هذه الحالة فإنه يحدث ربط خاطئ وتشويش عند الطفل
7- أن يكون العقاب ثابت: فلا أعاقب اليوم على شيء ثم، فى اليوم التالى أنسى وأكافئ على نفس الشئ
8- أن يكون الذى ينزل العقاب أشد تألما من الطفل حقيقة وفعلا.
9- ألايستعمل العقاب تنفيسا عن المعاقب لمجرد أن أموره الخاصة- وليس ما فعله الطفل- لم يعد يطيقها… مثل ما فعلته الام التى رأيتها وكآنها تخرج طاقتها السلبيه من خلال ضرب طفلها!!!!
10- ان نبلغ الطفل اننا نعاقبه على الفعل وليس العقاب له شخصيا… فهو مقبول جدا لنا ولكن سلوكه هو الذى غير مقبول.
اخيراً اقول… إن التربيه ليست بالامر الهين او البسيط… وعلينا أن نقرأ كثيرا عن هذا الامر… ويمكن أن نأخذ دورات فى هذا… او نشاهد حلقات تتحدث عن هذا الامر فى اليوتيوب… ما اريد أن اقوله أنه يجب أن نضع الامر فى بؤرة اهتمامنا… وأن نعى أن الامر يستحق ان نبذل جهداً فيه… فأبنائنا هم ثروتنا الحقيقيه فى الدنيا… وهم مشروعنا الذى يجب أن نعمل من أجله ونسعى أن ينجح.
(حفظ الله أبنائنا… حفظ الله مصر… أرضا وشعبا وجيشا وأزهراً)
———————

* مدرب معتمد للاستشارات الزوجية والأسرية.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3959 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.