الأربعاء , 14 مايو 2025
سهير عمارة - كاتبة 023

نهاية منتصف العمر: تأملات في رحلة الحياة وأعمال الآخرة

= 26439

 تأملات الحياة بقلم: د. سهير حسين

تمرّ بنا الأيام وتمرّ معها الأعمار، ونجد أنفسنا على مشارف نهاية منتصف العمر، تلك المرحلة التي يتجلى فيها وعي الإنسان بحقيقة الحياة وواقع الفناء. ننظر إلى الماضي فنرى كيف اختفت الكثير من الأشياء التي كانت تملأ حياتنا: أصدقاء رحلوا، أحباب فارقوا الحياة، وأيام انقضت وكأنها لحظات. كلما مرّ العمر، تزداد قناعتنا بأن الدنيا دار فناء، وأن البقاء الحقيقي في دار الخلود.

حقيقة الدنيا في ميزان الإسلام
الدنيا في الإسلام دار ابتلاء وامتحان، وليست دار قرار أو راحة. قال النبي ﷺ: “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر” (رواه مسلم). وهذه الدنيا مهما طالت أيامها فهي قصيرة، ومهما كبرت رغباتها فهي زائلة. فالعاقل من يعمل للآخرة ويعلم أن التفاضل عند الله ليس بالمال أو الجاه، بل بالأعمال الصالحة.

الأعمال الصالحة الفائزة
أكد الإسلام على أهمية الأعمال الصالحة وأثرها في الآخرة، ومنها:
1. الإيمان والتوحيد: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: 7].
2. البر بالوالدين وصلة الأرحام: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي ﷺ: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: “الصلاة على وقتها.” قلت: ثم أي؟ قال: “بر الوالدين.” قلت: ثم أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله.” (رواه البخاري).
3. الصدقة والإنفاق في سبيل الله: قال النبي ﷺ: “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب – ولا يقبل الله إلا الطيب – فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثل الجبل” (متفق عليه).
4. الإحسان للناس وشد أزرهم: قال النبي ﷺ: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره” (رواه مسلم). فشدّ أزر إخوانك وإعانتهم على الطاعة من أفضل القربات.
5. الاستغفار والتوبة: قال النبي ﷺ: “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون” (رواه الترمذي).

التفاضل عند الله ليس بالمكانة بل بالتقوى
في الدنيا، تتفاوت المنازل بين البشر، فمنهم الغني والفقير، الشريف والمغمور، لكن عند الموت يُصبح الجميع في التراب، لا تميز بينهم إلا بالأعمال. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].

وروي عن النبي ﷺ أنه قال: “إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” (رواه مسلم).

أعظم الأعمال الصالحة: شد أزر أخيك في الدنيا والآخرة
من أفضل الأعمال الصالحة أن تسعى في إعانة إخوانك ومساندتهم في الدنيا على طاعة الله، بل وحثّهم على الاستقامة. قال النبي ﷺ: “الدال على الخير كفاعله” (رواه الترمذي).

وكما أن للمؤمن دورًا في نصح إخوانه في الدنيا، فإن له دورًا في الآخرة، حيث يشفع المؤمنون لإخوانهم الذين دخلوا النار، قال النبي ﷺ: “يخرج قوم من النار بشفاعة محمد ﷺ، فيدخلون الجنة، يُسمّون الجهنميين” (متفق عليه).

خاتمة: التفكر في دار البقاء
عندما ينتهي منتصف العمر، يبدأ الإنسان بالتفكر في حقيقته وغايته، ويدرك أن السبيل الوحيد للسعادة الأبدية هو في العمل الصالح والتقرب إلى الله. ومهما علت مكانة الإنسان في الدنيا، فإن الجميع إلى التراب، ولا ينفع إلا عملك وإيمانك.

فلنجعل كل يوم فرصة لعمل صالح، ولنساعد من حولنا ونشد أزرهم ليكون لنا في الآخرة نصيب من الشفاعة والفوز العظيم. قال النبي ﷺ: “من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه” (رواه مسلم). فالسعادة الحقيقية تكمن في نفع الآخرين والإخلاص لله، وهذا هو الفوز العظيم.

شاهد أيضاً

سهير عمارة - كاتبة 023

عاوزة إيه أجيبولِك معايا؟… خاطرة بقلم: د. سهير حسين

عدد المشاهدات = 169 قولت له: هات زمان وناس زمان وفرحة زمان والعين اللي بتدمع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.