منذ أيام دعوت زوجتي لتناول العشاء في مكان هاديء كنا قد اعتدنا الذهاب إليه أيام الخطوبة …
وفور وصولنا إلى النادي رحب بنا الجرسون الذي لم يرنا منذ شهور …
اتجهنا دون تفكير صوب التربيزة المفضلة لدينا ، وكانت في ركن هاديء يطل على النيل مباشرة …
جلسنا وجها لوجه كما كنا نحب دائما وطلبت لها عصير البرتقال الذي تحبه أما أنا تناولت الليمون الذي أعشقه … وبعد تناول العصير بوقت قليل تناولنا العشاء على ضوء الشموع الخافت الذي استدعينا معه كل ذكريات قصة حبنا التي كانت لا تخفى على أحد من أفراد دفعتنا أيام الجامعة …
وبعد أن انتهينا من تناول العشاء مرت دقائق والصمت يخيم على الركن الذي نجلس فيه ، نظرت إلى زوجتي وأنا أعلم أنها تعاني من شيء ما يؤرقها …
فسألتها : فيم تفكرين؟
فأجابت : أشياء كثيرة
قلت : مثل ماذا ؟
قالت : انا وانت نعرف الله حق المعرفة وملتزمين بالعبادات إلى حد كبير ولا نؤذي
أحدا . ولا نأكل حراما ، إذن لماذا كل هذا الابتلاء وكل هذه المشاكل
التي تهطل علينا هطول المطر؟
قلت : أولا إذا أحب الله عبدا ابتلاه ( يا سيتي يمكن ربنا بيحبنا ) ثانيا : ما هي
المشاكل التي نعاني منها ؟ وما هي نوعية الابتلاء الذي تتحدثين عنه؟
قالت : أنت شخص مجتهد جدا في عملك والجميع يشهد لك بالكفاءة ومع ذلك لم يتم
تقديرك ولم تأخذ مكانك الطبيعي بين أقرانك …
قلت : ثم ماذا؟
قالت : أشقاؤك …
قلت : ماذا بهم؟
قالت : يعاملونك معاملة سيئة رغم أنك بذلت كل ما في وسعك لإسعادهم
قلت : أكملي
قالت : لماذا عندما نمر بأزمة أو تأتي الرياح ما لا تشتهي السفن يتخلي عنك
الجميع لدرجة إن بعضهم يستكثر عليك أن ينطق بكلمة حق تنقذك رغم إنه
يرى الحقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء؟
قلت : هل هذه هي معاناتك؟
قالت : نعم
قلت : هل يمكنني أن أدلي بدلوي في هذه المشكلة؟
قالت : على الرحب والسعة .
قلت : لماذا تبصرين الجانب المظلم من الصورة؟
قالت : كيف ذلك؟
قلت : إذا نظرت إلى الجانب الآخر من الصورة ستجدين جوانب كثيرة مضيئة.
قالت : ماذا تقصد؟
قلت : منزلنا ، هل هو ملكنا؟
قالت : نعم ، بل أمامه الحديقة الجميلة والزهور التي أعشقها .
قلت : وأولادنا ، ماذا عنهم؟
قالت : الحمد لله يتمتعون بصحة جيدة وعلى خلق رفيع وفي جامعات مرموقة.
قلت : ثم ماذا؟
قالت : وأنت أيضا العام الماضي أديت فريضة الحج .
قلت : ألا تريدين أن تقولي شيئا؟
قالت : نعم أود أن أقول أنني دائما أنظر إلى نصف الكوب الفارغ.