هناك مسألة نفسية تحدث عنها عالم النفس الشهير (كارل يونج) وهى (القناع والظل) أو فى لفظة أخرى أستخدمها الطبيب النفسى المصرى الشهير محمد المهدى وهو تعبير (ممارسة الاستعراء والاستخراء) والاستعراء يعنى كشف المستور، والاستخراء يعنى إظهار الجانب القذر والمقذذ من الشخصية، وهى نفس فكرة أن يكون هناك هلال مضيئ وجميل ورائع يظهر للقمر وفى نفس الوقت هناك جزء مخسوف ومختفى من القمر لا نراه، وهكذا شخصية الانسان والبشر، فتجدهم يلبسون قناعا أجتماعيا أو دينيا أو إصلاحيا او تنويريا ولكن هناك أشياء كثيرة يخفونها وراء هذا القناع.
ونحن كبشر نحرص على أن يكون القناع الاجتماعى متماشيا مع العادات والتقاليد والاعراف والاخلاق، بينما نتحرر من أغلب هذه الاشياء فى الجزء المخفي من شخصياتنا، وربما فى السابق لم تكن المساحه كبيره بين ما نظهره وما نخفيه، او بتعبير آخر ليست المسافه كبيرة بين القناع والظل، ولكن ومع ظهور الموبيل فى حياتنا أصبح هذا الجهاز وكما سماه الدكتور المهدى بمثابة الصندوق الاسود لشخصية الانسان، وإذا قدر وتم الاطلاع على محتوى هذا الموبيل ربما تصاب بصدمة كبيرة لانك حينها ستكتشف شخص آخر غير الذى تعرفه، والذى كان متخفيا وراء القناع الذى يلبسه، بل وربما تلك الصدمة تصيب الشخص ذاته لانه ببساطة يرى باطنه الذى ظل جاهدا يحاول إخفاءه حتى عن نفسه (معقول أنا كدا، معقول أنا أعمل كدا، انا لو كان حد أقسم لى الف مرة انى ممكن أعمل كدا مكنتش هاصدقه) وربما ممن استطاعوا أن يستغلوا هذه المسألة النفسية (القناع والظل) شبكة (نيتفليكس) لدرجة أنهم أنتجوا فيلم باسم (perfect strangers).
والغريب أن الفيلم نجح جدا لدرجة أنهم أعادوا إنتاجه ب 18 لغة وبدءوا لترويج أفاكرهم وهى المثليه الجنسية والتاكيد على حرية الشاب والفتاه فى إقامة علاقات جنسية قبل الزواج وهكذا، وأجتهدوا فى تصدير هذا السلوك على أنه أمر طبيعى وسلوك إنسانى طبيعى يجب على المجتمعات وخصوصا المجتمعات المحافظة على تقبله والاعتراف به إنطلاقا من تلك المسأله النفسيه القناع والظل (وكأنهم يقولون ما انتم بتعملوا كدا فى الخفاء فرقت ايه بقى) وكأنهم يقولوا إن الاخلاق والقيم والاعراف والثوابت ما هى الا شعارات كاذبة مصيرها الى زوال!!!!! ولقد أبدع الدكتور المهدى استاذ الطب النفسى فى الرد على هذا الامر حين قال هؤلاء ينظرون الى النفس البشريه وكمن دخل قصر فاخر جدا ورائع جدا ومنظم ومنثق جدا ولكن لم يروا فيه غير غرفة تجميع الزباله!!! يعنى تركتوا كل شيئ جميل فى القصر ولم تروا الا سلة الزباله، وهكذا تركوا كل شيئ جميل فى النفس البشريه ولم يروا فيها الا الجزء الصغير المظلم!!! يا قوم مالكم كيف تحكمون؟!
رسالة المقال…
1/ يجب أن ننتبه الى خطورة تأثير الموبايل السلبيه على حياة البشر
2/ يجب الا ننخدع بمثل تلك الدعوات الهدامة لان نيتها خبيثه
3/ يجب أن نعلم أن كل إنسان منا بطبيعته فيه جانب خير وجانب شر وليس معنى أن هناك بعض التصرفات ربما نفعلها فى الخفاء (وهى خطأ ولا شك ويجب الابتعاد عنها كما أمرنا ديننا الحنيف) أن جانب الشر قد تغلب.
علينا أن نعلم إنه هكذا هى النفس البشريه، ولا بد من أن نظل نؤمن بأهمية الحفاظ على الثوابت والقيم والاخلاق لانها هى الاصل فى الانسان، وأن تلك الاخلاق والقيم هى التى تقلل من مساحة الظل داخلنا، فالعلاج أساسا أن نحافظ على الاخلاق والقيم والاعراف لانها تحمينا من أفعال الظل، وليس العلاج أن نتخلى عنها بل المرض هو التخلى عنها، فالاخلاق والتمسك بتعليمات الدين هى من ستحميك من تلك الالعاب السرية والتى استغلها الخصوم لهدمنا.
(حفظنا الله من شرور خصومنا… حفظ الله مصر… أرضا وشعبا وجيشا وأزهرا)
——————-
* كاتب صحفى