الخميس , 28 مارس 2024

عابر سبيل”… خاطرة بقلم د. سعاد عمر سوَّاد

= 3558

“عايزة تموتي عشان…”
توقفه الاضطراري بسببي أزعجه فقال عبارته وكاد يرفع صوته مزمجرًا، لكنه ابتلع لسانه حين عرف السبب..
كنت أمشي في أحد الأزقة الشعبية في (حدائق المعادي) والمعروفة بضيقها وازدحامها بالمارة وعربات التوكتوك وبضائع الباعة، يومها كنتُ متوجهة لإحدى العيادات يغلبني الألم ويتجاذبني الهم يمنة ويسرة، يأخذني الشرود إلى أراضٍ أخرى، أظن أنها عادة كل مغترب، لكنها تتفاقم بعوامل أخرى لستُ بصدد ذكرها بل نتيجتها التي أوصلتني لتلك الحالة.

سرتُ في طريقي المألوفة ولا شيء إلا الشرود حتى شدتني قطعة (موس) ملقاة في منتصف الطريق والكل ماضٍ في طريقه، لا أدري كيف شدتني لأقول هذا خطر وعلي إبعاده، كنتُ قريبة منها جدًا، توقفتُ وتراجعتُ قليلًا لأبعدها، فإذا بي أشعر بعربة (توكتوك) تقف خلفي وتصطدم بيدي اليسرى قليلًا.

لم أشعر بوجوده حتى، التفتُ إليه متفاجئة وصاح بي السائق:
-وقفتي ليه؟
أشرتُ للموس الذي أردت إبعاده، وقبل أن يفهم قصدي لفرط انزعاجه صاح بعبارته السابقة:
-عايزة تموتي عشان…
لكنه خجل أن يكملها..
الخير خيرٌ مهما كان نوعه، وله أثر في النفس مهما بدا تافهًا..
صمت لبرهة ثم قال بهدوء وارتباك:
-اطمني، مش هتحصل حاجة، المهم انتي بخير والحمد لله.

ثم ابتعد، ابتسمت فقط لردة فعله وأكملتُ ما كنتُ بصدد القيام به.

أؤمن يقينًا بأن كل من يريد خيرًا سيكون الله معه وسيجازى به مهما كانت محنته أو درجة ألمه، وأؤمن أيضًا بتلك العبارة التي كتبتها في قصتي #الغريب..
“اصنع المعروف أينما حللت وإن كنت عابر سبيل”.

فلا تندم على خير فعلته وابتغِ به وجه الله ومرضاته.

 

شاهد أيضاً

عندما يتوقف المطر … بقلم: مريم الشكيلية – سلطنة عُمان

عدد المشاهدات = 6111 عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.