—
أبوظبي – حياتي اليوم
أقيمت الثلاثاء الماضي، الأمسية العاشرة من “شاعر المليون” في موسمه التاسع، بحضور الشيخ فهد فلاح بن جامع من الكويت، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وأعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج، ولجنة تحكيم برنامج المنكوس، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية، وجمهور من محبي الشعر النبطي، وقد تم بثُّ الأمسية على قناتي بينونة والإمارات.
باقة حب إماراتية للكويت في يومها الوطني
مع بداية الأمسية العاشرة للبرنامج الأول والأضخم للشعر النبطي، “شاعر المليون” في موسمه التاسع، والذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في إطار استراتيجيتها الثقافية الهادفة لصون التراث وتعزيز الاهتمام بالأدب والشعر العربي، رحّب مقدما البرنامج الإعلاميان أسمهان النقبي وحسين العامري، بأعضاء لجنة التحكيم المؤلفة من الأستاذ والباحث والروائي سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر في أبوظبي، والدكتور غسان الحسن، والشاعر حمد السعيد، وأعضاء اللجنة الاستشارية للبرنامج الشاعرين بدر صفوق وتركي المريخي.
واحتفالاً باليوم الوطني الـ59 لدولة الكويت الشقيقة، ومكانتها الراسخة في قلب كل إماراتي، وإرثها العريق في جميع مجالات السياسة والثقافة والفنون، فقد خصص البرنامج في أمسيته العاشرة فقرة خاصة بهذه المسابقة تم خلالها عرض مقطع مصور تضمن أشعاراً في حب الكويت. كما هنأت لجنة التحكيم دولة الكويت، حكومة وشعباً، بهذه المناسبة، وقدم الشاعر حمد السعيد قصيدة خلال البرنامج تغنى فيها بالكويت وأميرها وحكومتها وشعبها.
“الوسمي والبلوي” يتأهلان بتصويت الجمهور عن الحلقة الماضية
استعرض البرنامج أهم محطات الأمسية الماضية التي مرّ المتسابقون بها في مرحلة مجاراة الموشحات، مع إظهار تفاصيل الحضور المتميز للشعراء خلف الكواليس، في رحلة المنافسة التي وصفها المتسابقون بصراع الجبابرة، والتي تأهل فيها بقرار لجنة التحكيم، عبد المجيد سعود الغيداني بنتيجة 48/50. تلا ذلك الإعلان عن نتائج تصويت الجمهور من خلال موقع وتطبيق شاعر المليون الذي استمر طوال أسبوع كامل، وأسفر عن تأهل كل من مزيد جدعان الوسمي بنتيجة 67%، وأحمد بن عايد البلوي بنتيجة 66%.
أجمل قصائد المرحلة في مكانة الحرم وموسم الحج
وتنافس أمام لجنة تحكيم البرنامج الشعراء الستة أحمد بن جدعان العازمي من الكويت، وبرزان السحيم الشمري من العراق، وحمود خلف القحطاني وخالد القصيري الجهني وزايد عايض الرويس من السعودية، ومبارك بالعود العامري من الإمارات.
وتميز المتسابق الأول أحمد بن جدعان العازمي بقصيدته التي أسمعت صوت التصدي للأعداء الذين يتربصون بالأمة العربية ويكيدون لها، محاولين مراراً دون جدوى تدويل الحرم القدسي الشريف. وقد رأى أعضاء لجنة تحكيم البرنامج أنها من أجمل القصائد التي مرت في هذا الموسم، إذ اعتبر الدكتور غسان الحسن أنها قصيدة النوافذ الثقافية، بعناصر التاريخ والجغرافيا والشخوص، وموضوعها الجميل الذي كان الشاعر موفقاً في انتقائه، مع ما حملته من معلومات تاريخية، مثل الحديث عن زياد ابن أبيه وخطبته البتراء التي لم يبدأها بالبسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتضمينه أبيات أبي الطيب المتنبي. بينما أشاد الأستاذ سلطان العميمي بتصاوير القصيدة ولغتها والكم المعرفي الذي حملته، قائلاً: “إنّ فكرة القصيدة تصدت لموضوع المحاولات الفاشلة والدنيئة لتدويل موسم الحج، والتي فشلت وستفشل بجهود المملكة وقيادتها الرشيدة”، مشيداً بموازنة الشاعر بين الموضوع والخيال، مع الحضور البارز للمكان والمواقع المعروفة، والأعلام التاريخية القديمة والحديثة، وثراء الأحداث التاريخية، مما أعطى القصيدة وهجاً مختلفاً، وأضاف إليها ألقاً ينم عن توظيف ذكي وإبداع.
أما المتسابق الثاني، فكان برزان السحيم الشمري من العراق، وقصيدته التي جسدت نصوص الألم والوله ولوعة الفراق بين الحبيبين في ظل قسوة الواقع المرير الذي يعيشه العراقيون، والتي اعتبر الأستاذ سلطان العميمي أنها قصيدة حب بامتياز، مُشيداً بقدرته على مواجهة الإرهاب والداعين إلى القتل، إضافة إلى تميزه في المطلع الأنيق للقصيدة، مع التصوير والخيال الشعري العالي. فيما أكد الشاعر حمد السعيد على العفوية التي ميزت القصيدة وكمية الإحساس والمشاعر مع المصداقية التي عكست واقعية النص، مشيراً إلى خصوصية اللهجة لدى الشاعر والتي تبرز انتماءه لقبائل شمّر. أما الدكتور غسان الحسن، فأشاد بالصور الشعرية المرسومة بدقة، والمشاعر التي تحملها الكلمات، مع ملاحظته ضعف القصيدة لارتباكها حين التعبير عن قسوة الواقع، وابتذال اللغة التي تجافي الشاعرية بعباراتها القاسية وغير الشعرية.
قصائد محورها الحب، ومضمونها عناق ابنة أو فراق حبيبة
أما المتسابق الثالث فكان حمود خلف القحطاني من السعودية الذي ألقى قصيدة وجدانية حافلة بالألم والفراق والخذلان، معبرة عن خيبة أمل الشاعر واحتراق قلبه وروحه بمعاناة صد الحبيب وغدره، والتي رأى الأستاذ حمد السعيد أنها في وزنها لم تناسب الموضوع العاطفي، كما أثقلت القافية على الشاعر كونها من القوافي الصعبة.
وأشاد الدكتور غسان بمطلعها الجميل والمعبّر كغلاف غلف القصيدة كلها بالسواد والقتامة التي عاشها الشاعر عند نظمها، ملاحظاً الإشراقات الشعرية الكثيرة في القصيدة، بينما أشار الأستاذ سلطان العميمي بالتصوير والمستوى الشعري ورهافة الإحساس، وتعدد الأساليب والتنوع اللغوي بين النفي والتأكيد والاستفهام. تلاه المتسابق الرابع خالد القصيري الجهني من السعودية، في قصيدة متميزة تناول فيها حب الوالد لابنته وحنانه الدافق، فهو سندها والمسؤول عنها وعن مستقبلها.
وقد أجمعت لجنة التحكيم على جمال القصيدة وقدرة الشاعر من خلال أبياته على إيصال الفكرة والعاطفة، محلقاً في دنيا الشعر في توريات واستخدام لغوي مبدع وتصوير تمثيلي متقن، وبتعدد جزئيات النص وحركاته وأمكنته. ورأى الباحث سلطان العميمي أنه مكتوب بروح الأب الشاعر، معبراً عن حالات أبوية صوّرها الشاعر بشكل رائع، بحاضرها ومستقبلها. بينما أشاد الشاعر حمد السعيد بكونه نص السهل الممتنع الدال على تمكن الشاعر واحترافه، مع ذكائه في اختيار الجرس الموسيقي المناسب لموضوع القصيدة.
مواقف شعرية تشيد بتسامح الإمارات وحكمة قيادتها
خامس نجوم الأمسية كان زايد عايض الرويس من السعودية الذي أنشد قصيدة الوسطية والاعتدال، بعيداً عن التطرف والإلغاء والإقصاء، مبرزاً مكانة الإمارات وأبوظبي في ترجيح كفة التعايش عبر بناء البيت الإبراهيمي، والمبادرات والمشاريع العديدة الهادفة إلى تعزيز التعايش ومحبة الإنسان للإنسان. وأشادت لجنة التحكيم بالقصيدة وبفكرتها الموفقة وموقفها الشعري الذي يعكس قيم التسامح لدى المسلم، بعيداً عن الدعوة إلى الفتنة والقتل، حيث يؤكد على أهمية التسامح والتعايش بين الأديان السماوية، مع التوظيف المتقن للألوان في رسم الصورة الشعرية والأنسنة، حيث اعتبر الشاعر حمد السعيد نظم الشاعر طرقاً لا يكتب عليه إلا كبار الشعراء، مشيداً بموضوع القصيدة في نبذ الكراهية والتطرف.
تلا ذلك المتسابق السادس مبارك بالعود العامري من الإمارات، مع قصيدته المتميزة في مديح دار زايد، ومواقف الوفاء للوطن والانتماء له والولاء لقادته حفظاً لوصية الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي رأت فيها لجنة التحكيم إبداعاً شعرياً وحضوراً مسرحياً، وصوتاً جميلاً في مدح الإمارات، وهو واجب وطني يقع على عاتق كل شاعر في مثل هذه المحافل والمنابر.
كما أشادت اللجنة بأصالة الشاعر وبداوته وصوره الشعرية البكر، مع إشارته الذكية إلى الخمسين عاماً من عمر اتحاد الإمارات، حيث أكّد الدكتور غسان الحسن على التكثيف في القصيدة والشاعرية اللافتة، وحضور الإمارات في كل بيت منها بصفاتها وتوجهاتها، والموقف المتفرد للشاعر وجدانياً ووطنياً، مشيداً بما أورده الشاعر من أساليب التشبيه والجناس والتورية والالتفات بين الخيال والواقع.
رائعة “جادك الغيث” بصوت الفنانة عُريب حمدان
ومع الإطلالات الشعرية البهية والأبيات التمهيدية في مديح الإمارات، والإشادة بمواقفها البطولية إلى جانب أشقائها وأصدقائها، وفي حب الكويت واحتفالاً بالتحرير والاستقلال، كانت وقفة فنية في مشهدية مبدعة، استعادت روائع الموشحات الأندلسية، مع قصيدة العالم والفيلسوف والشاعر الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب “جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأندلس” التي غنتها الفنانة عُريب حمدان.
فقرة المجاراة لموشحة ابن الخطيب مسك ختام الأمسيات
مع مجاراة موشحة الشاعر الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب، كان مسك ختام الأمسية، حيث أشاد أعضاء لجنة تحكيم البرنامج بقدرة الشعراء الستة وإتقانهم الوزن والصياغة عليه، مع الإشارة إلى خروج معظم الشعراء عن الجو الوجداني الشفيف للموشح الأصلي. بينما رأى الباحث سلطان العميمي أن الشعراء أجادوا الوزن جميعاً بينما اختلف مستوى الشعرية والمجاراة بينهم. وأكّد الشاعر حمد السعيد على أهمية الترابط بين شعراء الأمسية وشعراء العصر الأندلسي الزاهي، مع إشادته بقدرة المتسابقين على الإبداع مع ضيق الوقت وصعوبة الوزن والقافية.
تأهل العازمي والجهني في ثاني أمسيات المرحلة الثانية
تم الإعلان عن نتائج تصويت جمهور مسرح شاطئ الراحة وقرار لجنة التحكيم، حيث جاءت نتائج تصويت جمهور المسرح كالتالي: أحمد بن جدعان العازمي بنسبة 14%، وبرزان السحيم الشمري بنسبة 21%، وحمود خلف القحطاني بنسبة 9%، وخالد القصيري الجهني بنسبة 11%، وزايد عايض الرويس بنسبة 5%، ومبارك بالعود العامري بنسبة 40%.
وقد تأهل بقرار لجنة التحكيم المتسابقان أحمد بن جدعان العازمي بنتيحة 48/50، وخالد القصيري الجهني بنتيجة 47/50. فيما جاءت نتائج بقية الشعراء الذي سينتظرون تصويت الجمهور من خلال موقع وتطبيق شاعر المليون طوال أسبوع كامل، على النحو التالي: مبارك بالعود العامري بنتيجة 46/50، وحمود خلف القحطاني بنتيجة 44/50، وكل من برزان السحيم الشمري وزايد عايض الرويس بنتيجة 43/50.
كما تم الإعلان عن شعراء الأمسية الحادية عشرة من “شاعر المليون”، وهي الأمسية الثالثة ضمن المرحلة الثانية من البرنامج، وموعدها يوم الثلاثاء القادم 3 مارس، وهم: محمد البندر المطیري، ومطرب بن دحيم العتيبي وراكان بن وليد الراشد من السعودية، وحمدة المر من الإمارات، ومحمد حسين الشمري من العراق، وحمد المويزري الرشيدي من الكويت.