—
أتعجب وأندهش حقًا حينما أرى البعض يحكمون على دين الناس بمنتهى السطحية والسذاجة ويُنصبون أنفسهم آلهة تُحاسب وتُعاقب، وتُدخل الجنة أو النار، وتُصدر الأحكام بل وتُبالغ وبمنتهى التطرف فى حكمها على الآخرين فالعاصى يعتبرونه كافرا، ومُرتكب الكبيرة كأن لا توبة له.
فيبدأون بتصنيف البشر، هذا كافر، وذاك ملعون، وهذا مطرودٌ من الجنة، وهذا محالٌ عليه التوبة، وهذا مهما فعل من خيرٍ فى الدنيا فغير مقبول منه، وهذه ستخلد فى النار، وهؤلاء يُراءون الخلق بأفعالهم الحسنة ولا يقصدون وجه الله الكريم، وأولئك أموالهم حرام وذممهم خربة، وهؤلاء يمارسون المتعة الحرام، وغيره الكثير والكثير من التهم المُعلبة الجاهزة والتى تُلقى هكذا بلا تروٍ أو بينة أو دليل.
أرى هؤلاء كثيرا حولنا وحينما يقولون هذا الهراء أمعن فيهم النظر جيدا وأقول فى نفسى من أنتم لكى تحكموا على غيركم وأنتم بشرٌ مرهونٌ قبول أعمالكم بكلمةٍ من الله، ومخفية ذنوبكم عن العالمين أيضا بستر الله؟ وكيف تجرأتم على أن تدخلوا فى علاقة خاصة جدا وهى علاقة العبد بربه؟ وماذا تملكون من أدوات خارقة-وأنتم بشر- للتفتيش فى صدور الناس عن الإيمان أو التقوى وأنتم بشر لا حول لكم ولا قوة؟
وماذا لو كان الشخص الذى تُلصقون به التهم وتطعنون فى دينه وخُلُقه هو أقرب منكم منزلة عند الخالق وأنتم لا تعلمون؟ وماذا لو كان من ترمونه بالباطل بريئاً منزهاً ممّا تقولون؟ ماذا لو كانت نيته نقية وسليمة وطاهرة ولا يعلمها سوى من اطّلع عليها وهو المولى عز وجل؟ وماذا لو كان من أصدرتم حكمكم عليه بالفعل قد أخطأ ولكنه ندم وتاب وأناب بل وقبل الله توبته وأنتم لا تعلمون بل ومازلتم تشوهون صورته وهو تائب أواب؟
تعودت منذ فترة ليست بالقليلة ألا أصدق بل لا أكمل الاستماع إلى الذين يخوضون أمامى فى سيرة الآخرين خوضاً شائناً يمس الذمم أو الأعراض، وأعتقد أن أفضل طريقة للتعامل مع هؤلاء هى التجاهل الشديد وعدم تكرار ما يقولون.
رأيت بنفسى بشراً فعلوا فى بداية أعمارهم أخطاءً وذنوباً ولكن فى نهاية أعمارهم تابوا وأنابوا وتبرأوا من كل ذنوبهم.
——
* عن بوابة الأخبار بالتنسيق مع الكاتبة.