الجمعة , 29 مارس 2024

“راديو أختي” … قصة قصيرة بقلم: وفاء أنور

= 5051

حكاية غريبة حدثت منذ سنوات عديدة اسمحوا لي باصطحابكم معي في رحلة من رحلات العودة إلى الماضي ، كنا نسكن في منزل مجاور لقلعة صلاح الدين بالقاهرة ، وكان الأهل من البسطاء الطيبين ، وكذلك الجيران الذين تأثرنا بهم وبكلامهم وأصبحت تصل أفكارهم الداعية لفكرة التفاؤل أو التشاؤم لدى البعض منا إلى حد الاعتقاد ، كانت لنا حجرة تجمعنا أنا وأختي كان بالحجرة سرير يكاد أن يلتصق بالحائط فالفرق بين شباك السرير ، والحائط ربما كان عشر سنتيمترات لا أكثر .

كنا نضع الراديو القديم ، والذي كان نسخة من الراديو الذي كان يحمله الفنان محمد صبحي في مسلسل رحلة المليون ، والذي كان يشعره بأنه قد امتلك العالم حين امتلكه حتى أن البعض أطلق عليه اسم راديو سنبل ، وكأنه أصبح علامة تجارية وهو نفس ماركة الراديو الموجود عندنا ، هاأنا أقترب للحكاية أكثر ، وأكثر .

كانت أختي تعتقد تمامًا بأن وضع الراديو بالعكس بمعنى أن تصبح اليد جهة الأسفل فى مكانه الواقع بين السرير ، والحائط هو مفتاح الأمان بالنسبة لها ، وكانت تثور حينما تجدني أنا أو أختنا الصغرى نعيده من وقت إلى آخر إلى وضعه الطبيعي فنحن لانريد أن نراه مقلوبًا ولنا عذرنا إذ كان وضعه بهذا الشكل يجعل من عملية تحويله من إذاعة إلى أخرى شيئَا مربكًا حقًا .

وفي إحد الأيام وصلت أختي إلى البيت في موعد متأخر عن موعدها ، وماكان من أبي الشخص الشديد الصارم إلا أن قام بنهرها وتعنيفها ، ثم أمرها ألا تكرر هذا مرة ثانية ، وكاد غضبه أن يطيح بها ، وبنا ، وبهذا الراديو الذي تعتقد أن وضعه مقلوبًا هو بمثابة تميمة الحظ السعيد لها ، وقبل أن يفرغ أبي من حديثه معها توجهت فجأة لحجرتنا ، وإذ بها تندفع نحوي أنا الأخت الكبرى لها ، ونحو أختنا الصغرى بعد أن نظرت للراديو أولًا ، فوجدته في وضعه الصحيح ، وليس مقلوبًا كما أرادت هى ، ثم صرخت وهى في قمة عصبيتها وغضبها قائلةً : مين فيكم اللي عدلت الراديو ده ؟

نظرنا إليها وقد علت ضحكاتنا على تلك المفارقة الغريبة ، وهذا التفكير الأغرب ! بالطبع لم تتقبل منا هذا الكم غير العادي من الضحك وإذ بها تقول :
” وكمان بتضحكوا أنا عارفة أنكم مش هاتسكتوا إلا لما تحصلي مصيبة بسببكم ، حسبي الله ونعم الوكيل ” وظلت ترددها ، وكأننا كنا السبب وراء حدوث هذا الموقف الذي تعرضت له ، وفي النهاية اتفقنا أن نضع الراديو في وضعه الصحيح ، وقبل أن تعود هى للمنزل نقوم بوضعه مقلوبًا كما تشاء رفقًا بها ، وللآن عندما نتجمع ونتذكر تلك اللحظات نضحك عليها كثيرًا ، وهى معنا بالطبع فلم يعد الراديو موجودًا الآن .

شاهد أيضاً

أوبرا غارنييه … جولة في دار الأوبرا الفرنسية بباريس

عدد المشاهدات = 1405 بقلم الكاتبة/ هبة محمد الأفندي دار الأوبرا الفرنسية بباريس المعروفة بأوبرا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.