في أحد الأيام طلب الجد من حفيده أن يقطع له ليمونتين ليضيفهما على طبق الفول، وما إن هَمّ بقطع الليمون رأى يد جدِه وفيها إصبعان مفقودتان، قال محادثاً نفسه: «يا إلهي لقد كبرت وأنا أرى يده بهذا الشكل ولم أسأله حتى الآن كيف قطّع إصبعيه، هو جزار هل يعقل أنه قطعهما بسكين وهو يقطع اللحم لأحد الزبائن»، بدأ يعاتب نفسه: «كيف لم أعطِ جدي قبل هذا اليوم حقه في إخباري بقصة أصبعيه المبتورين، كيف لم أشعره باهتمامي ورغبتي في معرفة تفاصيل الأمور التي تخصه وتعنيه»، لذا سأله مباشرة: «جدي كيف فقدت إصبعيك، هل قطعتهما بسكينك خطأ ؟.
بالرغم من سرور الجد على هذا الاهتمام إلا أنه اعتبرها لوهلة إهانة كبيرة، فهل يمكن لمثله أن يقطع أصابعه بسكين، ثم أخبره أن ذلك بسبب الماكينة التي تعمل بالكهرباء وتدور شفرتها كالقطار.
وما إن كاد الحفيد أن يسرح بكلام جده وخزه بيده طالباً الليمون، ليكتشف الجد أنه قطع ليمونتين فقط كما طلب منه، فقال ناصحاً:«إياك أن تفعل هذا ما حييت، أن يكون العطاء تماماً على قدر السؤال لأن هذه من صفات الجبناء. وأما الكرم فهو صفة الرجال العظماء الذين يميزهم العطاء فهم يثقون بأنفسهم ولا يهابون تقلبات الحياة المفاجئة».
مر الوقت سريعاً ورحل الجد الصديق الصدوق وجميع الذكريات الجميلة مع حفيده ولكن بقيت ذكرى ذلك اليوم الاستثنائي على قيد الحياة مستمرة ولن تُنسى.
تذكروا دائماً، الأب والأم يعيشان الأبوة والأمومة مع أطفالهما في جميع الأوقات الحلوة والمرة، ولكنّ الجدَّين موضوعهما مختلف تماماً فهما يعيشان مع الأحفاد الأبوَّة والأمومة والصداقة وأجمل وأروع الذكريات التي ستظل وتبقى خالدة إلى الأبد.
——————–
* كاتبة إماراتية.