الإثنين , 9 ديسمبر 2024
الربيعي ود. شوق أثناء الجلسة التفاعلية

د.شوق النكلاوي في جلسة تفاعلية: لا وسيلة أكثر حيوية لمعروضات المتحف وجذب الزوار أكثر من المسرح

= 4751

قالت الدكتورة شوق النكلاوي” إن المسرح والمتحف يعدّان طريقة من طرق التعلم التي قد تكون تربوية، وتستخدم باعتبارها اداة لنقل المعلومات والمعارف والتقاليد ومن هنا تأتي أهمية المسرح المتحفي الذي يساعد في التعرف على ماضي الآباء، والأجداد”.

جاء ذلك عبر جلسة تفاعلية أدارها الشاعر والكاتب عبدالرزّاق الربيعي بثّت عبر منصّة الفنر للعلم والمعرفة بالمشاركة مع مسرح هواة الخشبة تحدّثت خلالها الدكتورة شوق النكلاوي، أستاذة أدب الطفل بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة مطروح مصر،عن المسرح المتحفي، وثقافة الطفل بمناسبة صدور الطبعة الثانية من كتابها الذي يؤسس لمفهوم مسرح المتحف ونشأته وتطوره ونصوصه وعروضه مع نماذج تطبيقية لعروض أخرجتها للأطفال داخل المتاحف.

في البداية رحب الرببعي بالضيفة والمتابعين، وقدمت الفنانة علياء البلوشي كلمة ترحيبية بايم فرقة مسرح هواة الخشبة، شاكرة د.شوق تلبيتها دعوة الفرقة للاستفادة من خبرتها باامسرح المتحفي.

وتحدثت د.شوق عن نشأة المسرح المتحفي وتطوره، فقالت ” ربما كان المسرح في المتحف موجودًا منذ عصور ما قبل التاريخ حيث كانت تقدم العروض داخل المتاحف والمعابد لا باعتبارها مسرحًا متحفيًا بل باعتبارها طقوسًا دينية، وترجع البدايات الأولى لاستخدام العروض المسرحية داخل المتاحف إلى منتصف القرن التاسع عشر، وكان العرض سطحيًا يقدم المقتنيات المتحفية لكنه يغفل شرحها وتوضيحها ومن ثم فقد اتسمت العلاقة بين العرض والزائر آنذاك بالسلبية فافتقد المسرح إلى أهم ما ينبغي أن يتسم به حيث إن “الهدف الأول للمسرح يتشكل من قدرته على التواصل من خلال الخبرة والنموذج مع المشاهد من أجل إحداث تغيير في أفكاره واتجاهاته تجاه موضوع ما وهذه أبسط أهداف العملية التعليمية والتي تنظر إلى عملية التعليم باعتبارها عملية ذات اتجاهين : بين المعلم (الممثل) والمتعلم (المشاهد)”.

وترجع أول تجربة جادة وجديرة بالملاحظة إلى أواخر القرن التاسع عشر وهي تجربة متحف سكانسن وهو أول متحف مفتوح يعرض العناصر في بيئتها الطبيعية وأسسه “آرثر هازل يوس” عام 1891 في ستوكهولم بالسويد حيث قام بإضافة عنصر آخر وهو أشخاص في العرض حيث يقول” بدون أي نشاط فإن المتحف سيكون بلا فاعلية، وفي عام 1999 أقيم أول عرض للمسرح المتحفي في جنوب أمريكا وقد كان عرضًا مقدمًا للطفل باستخدام مجموعة من الدمى والعرائس مع دعوة بعض الأطفال الزوار للقيام بدور طيور صغيرة، وتحدثت عن عروس قدمت في الاسكندرية والقاهرة، حققت تفاعلا مع الجمهور، وحول مفهوم المسرح المتحفي وخصائصه قالت د.شوق” يطلق هذا المفهوم على عرض مسرحي له نص مكتوب أو عرض ارتجالي، يقدم داخل قاعة العرض بالمتحف على أن يكون الديكور من المتحف ومقتنياته ويمكن تقديمه على مسرح منفصل خاص بالمتحف ويتم من خلاله التركيز وتسليط الضوء على العنصر المعروض كما يمكن تقديمه داخل الفصل الدراسي ومن أهم شروطه الأساسية أن يدور حول موضوع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمتحف وهو لا يقتصر علي نوع بعينه من المتاحف؛ حيث يمكن تقديمه في متاحف العلوم, ومتاحف الفن والمتاحف الحربية ومتاحف التاريخ والآثار وهو وسيلة ترفيهية للتواصل بين المتحف والزائر ووسيطًا للعلاقة بين المتحف والمجتمع كما أنه الوسيلة الأكثر حيوية وفاعلية في إيجاد طرق جديدة للتفكير حول معروضات المتحف”.

وأضافت” وهنا يتضح دور المسرح المتحفي في الربط بين المتحف والزائر من ناحية والمتحف والمجتمع من ناحية أخرى عن طريق إيجاد علاقة تفاعلية تؤدي إلى إحداث نوع من التآلف بينهما، فإنه لا توجد وسيلة أكثر حيوية للتفكير حول معروضات المتحف وجذب الزوار أكثر من الدراما فالمسرح له دور في غاية الأهمية لخلق فرص لإحياء الروح داخل المتحف، لذا يجب تضمين المسرح كجزء من منشأة المتحف”.

وترى د.شوق ” يمكن استخدام المسرح باعتباره وسيطًا للتثقيف المتحفي ؛ ففي ذلك فائدة للمسرح والمتحف معًا فمن خلاله يمكن تبسيط مفهوم مقتنيات المتاحف التي قد تبدو صعبة أحيانًا ومن ناحية أخرى فإنه يساهم في تعريف زوار المتاحف بفن المسرح وينمي ذوقهم وتقبلهم لذلك الفن ففيه تحقيق للأهداف المبتغاة منهما معًا وأهمها زيادة القدرة التفاعلية مع المتلقين وإقبالهما على كلا الفنين،وعلى الرغم من أن المسرح المتحفي يختلف عن المسرح التقليدي من حيث هدفهما الرئيس ؛حيث إن المسرح التقليدي يخدم قصة درامية لها بداية ونهاية وعقدة وحل في حين أن المسرح المتحفي يقدم عملاً أو مقتنى متحفيًا، فهدفه الأول هو توضيح المقتنى وتوصيله بصورة أقرب للجمهور من الأطفال؛ فإن مجالي المسرح والمتحف يلتقيان في نقطة مشتركة نتيجة تركيزهما على عملية التعلم وحرصهما علي التواصل مع المجتمع وبحثهما عن الحقيقة بكل تعقيداتها فكل منهما -إذن- يدعم الآخر ومن ثم فإن أوجه التشابه بينهما تزيد كثيرًا عن أوجه الاختلاف فكل منهما على سبيل المثال يعتبر خبرة حية، والعرض الحي التفاعلي المثير هو الغاية المثلى لزوار المسرح والمتحف كليهما وإلا فإنه من الأجدى لهما الجلوس في بيوتهم لعمل شيء آخر كمشاهدة التليفزيون أو تصفح الإنترنت.

ورغم المعتقدات الخاطئة التي ترى أن النزعة العاطفية المرتبطة بالمسرح تعد غير مناسبة لبيئة متحفية فإن تلك المعتقدات قد انحسرت مع تطور فهم العلاقة الإيجابية بينهما ؛فالمسرح حي ومألوف وممتع وشيق وهي ذاتها الخصائص التي تسعي لها المتاحف اليوم، وإذا كان المسرح معنيًا بالحاضر والمتحف معنيًا بالماضي فإن ذلك لا يعني أن الالتقاء بينهما غير ممكن، فالهدف الرئيسي من التربية المتحفية هو الربط والمزاوجة بين الماضي والحاضر والمستقبل فالماضي هو محتوى المتحف الحالي والحاضر هو محتوى المتحف القادم ويجب أن نهتم به.

وأكدت ” أن المسرح المتحفي قد انتشر في بقاع شتى من العالم وأصبح أسلوبًا معروفًا لتقديم المقتنيات المتحفية والتعريف بها وشرحها بعيدًا عن التقليدية المعتادة وصار من الممكن توظيفه في شتى الموضوعات لا في موضوعات بعينها ويهتم البرنامج بالعلاقة بين الفن التشكيلي و المسرح ومدى مساهمة ذلك في التربية، ومن الملاحظ أن استخدام المسرح باعتباره وسيطًا يتم استخدامه في مصر في المتاحف الفنية وهو ما ترى الباحثة أنه يمكن تطبيقه في أنواع المتاحف الأخرى كالمتاحف التاريخية والأثرية والحربية والعلمية، وهو الموضوع الذي تدور حوله الدراسة،وحول أهمية المسرح المتحفي وأسسه، قالت د.شوق” ينبغي أن يساهم المسرح في غرس القيم الوطنية وتعميق حب الوطن والانتماء إليه كما يعود الطفل علي سلامة النطق والتعبير السليم باللغة وتعلم مفرداتها ومصطلحاتها. فإذا ما أحسن تأليفه وإخراجه وتمثيله- سينجح بلا شك في تحقيق ما تعجز عنه أنواع أخرى من الأعمال الفنية فهو وسيلة ترفيهية يسهم في استخدام الحقيقة والواقع من خلال ( الفانتازيا ) فعروضه تجلب المتعة والسعادة إلى نفوس الأطفال في مختلف الأعمار”.

ونطرقت إلى تقنيات الإخراج في عروض المسرح المتحفي، فقالت “إن المسرح – إذا أحسن تأليفه وإخراجه وتمثيله – فإنه بلا شك ينجح في تحقيق ما تعجز عنه أنواع أخرى من الأعمال الفنية والمقصود تقديمها للطفل , لقد نجح هذا المسرح في إثارة أكثر من فكرة تربوية وجمالية وفي تقديم أكثر من توجه وخبرة فنية ولغوية.

والهدف الأساسي من كل عرض مسرحي هو تحويل النص المسرحي إلى منظومة متناغمة من المؤثرات المرئية والصوتية التي تحتوي المُشاهد وتثير تأملاته وانفعالاته، والحياة الدرامية لا تدب في عروق النص المسرحي وأوصاله إلا عندما يتجسد من خلال التمثيل والتصميم، والمؤثرات الصوتية، وأمام الجمهور الذي يتفاعل معه داخل مبنى أو مساحة خصصت لهذا الغرض،فزوار المتاحف والمواقع الأثرية ليسوا مستقبلين سلبيين للرسائل التراثية بل وعلي العكس من ذلك فهم يتفاعلون مع المواقع والمعارض والمتاحف ومحتوياتها بطرق بناءة وأكثر فاعلية، وبخصوص الأداء التمثيلي قالت” يجب إعداد الممثل في المسرح المتحفي حتي يصبح قادرًا على التفاعل مع الجمهور وجهًا لوجه والرد علي استفسارات الزوار وعلى المخرج أن يدرس مع الممثل كل الأسئلة التي يمكن أن تطرح عليه وأيضًا كل الإجابات التي يمكن أن تجيب عن تلك الأسئلة ويشترط أن تحترم عقلية المشاهد، وعلى الممثل أن يلم بكل موضوع المسرحية لمواجهة الأسئلة حتى بعد العرض، إن دور الممثل حسب هذا المنطق يتحول من الدور السلبي وهو الاكتفاء بأداء دوره فقط إلى دور أكبر وأبعد تأثيرًا من الفاعلية والحيوية داخل إطار العرض المسرحي؛ فهو يلعب دورًا تمثيليًا وتربويًا معًا.

وحول اختلاف الديكور في المسرح التقليدي عنه في عروض المسرح المتحفي، قالت” أن الديكور في المسرح التقليدي هو عنصر أساسي ومحوري لا يمكن الاستغناء عنه باعتباره مقومًا من مقومات العرض الذي لا يقوم بدونها أما في المسرح المتحفي فإن مسألة وجود ديكور هو عنصر ثانوي ؛ إذ ربما يتم الاكتفاء بالعناصر المعروضة واعتبارها ديكورًا للعرض دون الحاجة إلي ديكورات أخرى خارج المقتنيات وربما تكون الحاجة إليه ملحة فيما لو قدم العرض خارج المتحف –في المدرسة مثلاً- إذ يجب استحضار التشكيلات التي يمكن أن تدل على المتحف المراد عرض مقتنياته أو الاستعانة بشاشة عرض توضح المتحف ومقتنياته وهو ما لجأت إليه الباحثة في إحدى العروض، وبخصوص الموسيقى والمؤثرات الصوتية قالت” يمكن للمسرح المتحفي أن يعتمد على الموسيقى والأداء الراقص في عروضه والموسيقى كأداء صوتي يجب أن تتم عن طريق مؤدين مؤهلين والشيء نفسه بالنسبة للرقص الذي قد يكون ارتجالاً أو معدًا سلفًا وتقوم المسارح باستخدام الموسيقى والرقص بصور مختلفة؛ حيث يتم استخدام الموسيقى كعنصر إضافي لعرض الثقافات المختلفة وفي حالات أخرى تستخدم لمساعدة الزوار على اكتشاف المزيد من الآلات الموسيقية على نحو ما نرى في سان فرانسيسكو حيث قدمت سلسلة من الحفلات غير الرسمية وبعد أن أنهى الموسيقي دوره منح الجمهور الفرصة للتفاعل معه وطرح الأسئلة”.

وانهت د.شوق حديثها بمجموعة من التوصيات التي أكدت على أهمية المسرح المتحفي لتحقيق الرواج السياحي في المتاحف ولتحقيق أهدافها المختلفة، في ظل الركود السياحي في الآونة الأخيرة.

وتخللت الجلسة مداخلات للفنانة علياء البلوشي عضوة فرقة مسرح هواة الخشبة،و د.راندا حلمي أستاذ التمثيل والإخراج المسرحي المساعد بجامعة دمنهور، وبعث د.محمود سعيد رسالة صوتية لمشكلة تقنية واجهته خلال البث، وأنهى الشاعر عبدالرزاق الربيعي الجلسة شاكرا د.شوق والمتابعين والأساتذة الذين قدموا مداخلات اثرت الجلسة، ومنصة الفنر ممثلة بالمخرج الفمني محمود العبىي ، وانتصار الوهيبي، وجميع المتابعين.

رابط الجلسة في اليوتيوب :
https://www.youtube.com/watch?v=qNY2UZVIdBg

شاهد أيضاً

الأكاديمية المصرية للفنون بروما تحتفل بالذكرى 155 لكتابة أوبرا عايدة

عدد المشاهدات = 3303   أقامت الأكاديمية المصرية للفنون بروما أمس إحتفالية متميزة بمناسبة الذكرى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.