الحقيقه إنني اليوم وبعد ٦٦ عاما بالتمام والكمال من انتاج واخراج فيلم “ابن حميدو”.. أتقدم بخالص الاحترام والتقدير للباز أفندي الذي قام بدوره الفنان العبقري توفيق الدقن، رحمه الله.
فقد لخص لنا بعبقرية شديدة تجسيد شخصية النصاب الفهلوي الذي يمتلك عدة وجوه وعشر شخصيات ويمكن أكثر، يلعب بالبيضة والحجر، فهو يعمل خادما لتجار المخدرات ويقبل منهم أن يعاملوه كصبي من صبيانهم، بينما يتقمص شخصيةالأفندي المحترم المتعلم المتنور الذي يوقره جيرانه البسطاء ويعملوا له الف حساب، ويرسم دور الرجل المهم وحلال العقد الواصل علي المعلم حنفي شيخ الصيادين وزوجته وبناته!
وبكل فخر يقدم الباز افندي نفسه پأنه ساقط توجيهيه ..وسمسار مراكب ..وقباني..وبالعكس.
وبنظرة سريعة سنكتشف أننا محاطين بنخبة من عينة الباز أفندي، التي انتشرت في مجالات كثيرة، وتطورت هذه الشخصية لتصبح سببا رئيسيا في انهيار الكثير من الكيانات وهبوط مستوي العديد من المؤسسات التي كان نجاحها واسمها ملأ السمع والبصر، ببساطه لأن نموذج الباز افندي الفهلوي والذي لم تلده ولاده قد أصبح مطبقا في هذه المؤسسات، فأصبح شخصا واحدا يدير عددا من المؤسسات والمنظمات والملفات، فلا تقوم لأي مؤسسة منهم قائمه فلا تطول بلح الشام ولا عنب اليمن!
وزمان تعلمنا من الكاتب والصحفي الكبير الأستاذ إبراهيم سعده أن الصحافة مهنة تسير في دماء أصحابها ، تستوطنهم ٢٤ ساعة في اليوم، واذا كان من الممكن للصحفي أن يكون معدا لبعض البرامج بحكم إلمامه بقضايا المجتمع وبحكم علاقاته بالمصادر، وكذلك قد يصبح مقدما لبرامج علي القنوات الفضائية، بحكم ثقافته وطلاقته اللفظية، او ان يلقي محاضرات عن المهنة في الجامعات، كل هذا مقبول وعادي، لكن أن يتم تعيين صحفي لرئاسة تحرير جريدة عريقة ومطلوب منه تطويرها والحفاظ علي نجاحها والارتقاء بمستواها المهني، وفي الوقت نفسه يتم اختياره لقيادة قناة فضائية ضخمة تحتاج لجهد ومتابعة مستمرة ليل ونهار، بالإضافة لوظيفتين ثلاثة أربعة في عدة مجالس مهمة ليس لعبقرية فذه يمتلكها، ولكن لعلاقات قوية بأصحاب النفوذ، فينعمون عليه بمنصب هنا ومنصب هناك، لزوم الوجاهة والتلميع وحصد رواتب اكتر وأكتر، “عادي جدا إبنهم وبيدلعوه”!
وهنا يصبح الباز أفندي جنب أخينا الصحفي المعجزة غلبان جدا! لأن هناك من تفوق عليه رغم انه ايضا يشترك معه في أنه ساقط توجيهية وسمسار مراكب وقباني وبالعكس “ومحظوظ “!
وطبيعي أن تكون النتيجة الحتمية أنه لن ينجح في الصعود بأي كيان يرأسه، فهو لن يسمح لأي صحفي تحت قيادته أن ينتقد أو يشير إلى خطأ أو فساد أو مخالفة في أداء وزراء أو رؤساء هيئات، قد بغضبون فيحجبون عن قناته إعلاناتهم؟ وكيف سيسمح لأي محرر أو كاتب يعمل تحت إدارته بكشف حقائق قد تتعارض فيها مصالح قناته أو مصالحه الشخصية في واحدة أو اكثر من الجهات الكثيرة التي يعمل فيها والتي تمنحه راتبا سخيا، مع المادة الصحفية التي تعب في كتابتها وجمعها صحفي مجتهد في الجريدة التي يرأسها!!
هنا يتحول الوضع إلى علاقة مشوهة!!
لذا .. وكما قالت الجهات الرقابية كلمتها بإقالة رئيس جهاز حماية المستهلك السابق لتضارب المصالح في شغله لعدة مناصب في وقت واحد، فإننا نعلق آمالا عريضة علي نزاهة هذه الجهات، لوقف هذه النوعية من المهازل، والتي يجمع فيها شخص واحد في جعبته عدة وظائف متضاربة المصالح، لا تستفيد الدولة من وجوده فيها شيئا، ويبقي هو وحده الشخص المستفيد برواتب متعددة من جهات مختلفة، بينما يجر الفشل والخيبة وسوء الأداء لكل كل مكان يشغله…لأن صاحب بالين كذاب…فما بالنا بصاحب ٤ وظائف وأحيانا خمسة!
——————————————————————
* مدير تحرير أخبار اليوم ، وتم النشر بالتنسيق مع الكاتبة