الجمعة , 26 أبريل 2024

داليا جمال تكتب: الشقيانين في الأرض!

= 6297

لكل شيء في الحياة وجه آخر… قد نلمحه أحيانا، ولا نراه غالبا!

وكما كتبت في مقالي الأسبوع الماضي عن نوعية من البشر، ممن يرفضون الحصول علي المال من سكة الجهد والتعب والعمل بحجة عدم مناسبته لهم ولظروفهم، مفضلين طريق المساعدات المادية بالاستعطاف والشحتفه دون تعب!

قررت أن أكتب اليوم عن نوع آخر من البشر على النقيض من السادة المأنتخين، وهم طبقة عمال البناء الشقيانين في الأرض حرفيا، وذلك بعد أن جمعتني الظروف لمعايشتهم عن قرب ورصد تفاصيل حياتهم الصعبة، بحثا عن لقمة عيشهم المغموسة بالصبر والعرق والدموع.

لو جربت أن تكون في يوم عامل بناء باليومية، ستكتشف أن يومك يبدأ في الخامسة فجرا، لتلحق بعربية شحن الأنفار لموقع العمل، وإلا هتضطرتدفع ٧٠ جنيها من يوميتك مواصلات من قريتك إلى موقع العمل في مدينة من المدن الجديدة، لتبدأ العمل في الثامنة صباحا، عتالة أو حمل أسمنت ورمل وطوب، تقلهم يهد حيل جبل، لتتسلق بهم سلالم طويلة لا تنتهي، ممنوع الراحة إلا في وقت غداء قصير تجتمع فيه مع زملائك، لتتناول أرغفة خبز مع فتافيت قليلة من أرخص نوع جبنة وكيس شيبسي تملأ بيهم رغيفك لتشبع، ثم تواصل العمل من جديد حتى الخامسة مساء، وينتهي يومك وأنت بتستلم يوميتك ٢٠٠ جنيه، صرفت منهم ٢٠ جنيها في الغد ، لتعود لبيتك وأولادك بـ١٨٠ جنيها، وجسمك مكسر ومهدود الحيل، تدعي ربنا يديمها عليك نعمة ويحفظها من الزوال، لأنك ساعات ممكن تعدي عليك أيام كثير ما فيش شغل، وده معناه أن يعيش بيتك وأولادك بلا طعام ولا مصاريف.

عن هؤلاء… أكتب في أول أيام شهر رمضان الكريم، أرجوكم أن تبحثوا عن عمال البناء الشقيانين وليس المتسولين المقنعين، زوروهم في بيوتهم، أو أرسلوا لأسرهم هدايا رمضان من أموال الزكاة وكراتين الطعام، لأنهم يقضون أغلب أيام رمضان دون عمل، فهؤلاء هم المتعففون والمستحقون للعون علي قسوة الحياة، وبلاها جمعيات تحصد من جيوبنا ملايين، لتذهب مكافآت لمن لا يستحق، ولا تصل لمثل هؤلاء الشقيانين في الأرض.

———–
* مدير تحرير أخبار اليوم.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 3785 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.