منذ مطلع الألفية الجديدة تحول فن التسويق إلى مستوي جديد و هو تسويق الوهم ، فالمصنعون ينتجون منتجا ثم يخلقون وهما و دعاية له لجعلك تعتقد ان هذا المنتج هام جدا لحياتك و لا تستطيع الاستغناء عنه و مثال لذلك التسويق لشكل جديد من اشكال البشر كان نادرا ما يوجد في الطبيعة بهذه الصورة و هو ان الرجال لابد و ان تكون طويلة ممشوقة القوام تبرز عضلاتها و خصوصا عضلات البطن و تكون لحيتها ثقيلة و شعرهم كثيف الي جانب طريقة الملبس من ماركات شهيرة و تدخين سجائر معينة و شرب مشروبات معينة.
أما بالنسبة للسيدات فحدث ولا حرج من اشكال اجسام منحوتة و بارزة و طرق جديدة في وضع مستحضرات التجميل و العناية بالشعر و ملابس و عطور و هكذا ، بالطبع وجود رجال و سيدات بهذه المواصفات هو شيء نادر الحدوث و هو امر جيني من الدرجة الاولي مع ساعات من التدريب الشاق و حرمان تام من ملذات الحياه و الكثير من عمليات التجميل المؤلمة و لكن المنتج النهائي يكون مبهر لأقصي حد و بالطبع يقابل الامر بالرفض التام في بادئ الامر من ناحية المستهلك فلا يوجد من يريد ان يصرف ماله علي شيء كهذا .
هنا يتحول المنتجين للخطوة الثانية من الدعاية و هي تحويل الممثلين و المطربين و الشخصيات العامة الي تلك الاشكال من البشر و التركيز عليهم حتي يصبح مفهوم الجمال و المواصفات البشرية مشوهة تماما و تصبح اشكال من الصعب الوصول اليها و مع التكرار و التسويق رويدا رويدا يصبح شكل بنات الاحلام هو هذا الشكل المشوه و الغير طبيعي و فتيان الاحلام بتلك المواصفات الخيالية ليبدا الجنسين رحلة البحث عن تلك المواصفات المستحيلة و في سبيلها يصبح الشكل الطبيعي هو الشكل المشوه و المرفوض و يتجه الناس الي تغيير هذه الاشكال الطبيعية ليلاقوا استحسان الجنس الاخر لتبدا رحلة عمليات التجميل و شراء منتجات كمال الاجسام و استهلاك أطنان من منتجات لا يحتاجها الانسان في رحلته للوصول الي الوهم الذي قد يصل اليه او لا يصل اليه ليصبح شخصا منبوذا اجتماعيا و مريض نفسيا رغم انه هو الشكل الطبيعي و ليس الوهم.
ومن الأمثلة الأخرى هو تحويل الانسان لأنسان غير راضي عن نفسه من حيث الشكل فقط عن طريق ما يسمي باللعب على نقاط ضعف المستهلك مثل النحيف تباع له ادوية لعلاج النحافة والسمين تروج له ادوية وعمليات للسمنة حتى ظهور عمليات وعدسات تغيير لون العيون وفرد الشعر الخشن وتخشين الشعر الناعم، عمليات الليزك وموضة لبس النظارة وهكذا ليصبح الانسان الة استهلاك مستمرة تشتري الوهم لتضع نقودها في جيب شركات تبيع الوهم فقط.
احسب كل شهر في ماذا استهلكت اموالك واحسب نسبة الأشياء الوهمية التي اشتريتها مقارنة بالأشياء الهامة ستجد حسب الاحصائيات إنك صرفت من 40 الي 60 % من دخلك على أشياء لا تحتاجها او تغيير موبيل أصبح بطيء والسبب هو ان الشركة المنتجة تبطئ الجهاز لإجبارك على شراء المنتج الجديد او شراء منتج لان عليه عرض.
في النهاية احزر من فخ الميديا وطرق التسويق التي توجهك نحو الاستهلاك الأعمى لتسقط في الفخ سعيدا راضيا.
——————-
* قاص وروائي مصري.