السبت , 26 أبريل 2025

“بنتُ الحيِّ”… قصيدة بقلم: د. عبد الرحيم شكير 

= 4083
كيف حالُكَ.؟ قالتْ.. خَجُولةً، ثُمَْ مالتْ….
خلَّفَتْ أثرًا فِيَّ غريبْ..
شَميمُ عِطْرِها.. صوتُها.. دلالُها حين تمْشي..
أَيُعْقَلُ أن تكون هِيَ.. بنت الحيِّ؟..
وهل حالي لازال يَعْنيها؟
وحينَ التفتُّ كيْ أُبادلَها التَّحِيَّهْ..
كانتْ قد بانتْ..
أصبحَتْ أثرًا بعد عَيْنْ..
هل تُرى هيَ عادتْ..
أمْ تُرى مسَّني الوَهْمُ من فَرْطِ الحَنينْ؟..
تسألْ عن حالي بعد كل السِّنينْ؟..
ليْتَها انتظرتْ لتَسْمَعَ الجوابْ..
حالي أنا، دعيكِ منْ حالي..
فما الجدوى مِنَ سؤالٍ..
إذا لم ينتظرْ سائلوه الجوابْ؟..
حالي كحالِ قلبي
نَغْدو على الفَقْدِ
ونُمْسي على الحنينْ..
عَشْرُ أعوامٍ مَرَّتْ كأنها نِصْفُ يومٍ أو أقَلْ..
حُرْقَةُ الْبَوْنِ في صدري ما زالتْ..
والجُرْحُ ما انْدَمَلْ..
كأنَّني كنتُ في حلْمٍ.. أراها..
تَجْري خلفي وأَجْري خلفَها..
نلْهو.. معا بالثلجْ..
كأنها أميرةٌ.. كأنني الملكُ المتوجْ..
تصنعْ من الثلج وجهي..
أصنعْ من الثلجِ وجهَها..
وأينما سِرتُ..سارتْ
كأنني كنتُ في حلمٍ..
كأنَّها، حين اسْتفقْتُ، أميرةٌ من ثلجٍ وذابتْ..
عَشْرُ أعوامٍ مَرَّتْ كأنها نِصْفُ يومٍ أو أقَلْ..
صوتُها في قلبي
ذاكَ المساءُ الشِّتائيُّ الحزينْ
كنا جالسيْنِ..
كصخرتينْ جامِدتينْ..
والبحرُ يتركُ موجتَهُ الأخيرهْ للرَّملْ..
« الأمرُ لمْ يَعُدْ بِيدَيَّ ».. قالتْ..
وكرَّرَتْ مَرَّاتٍ ما قالتْ:
« سامِحْني.. الأمرُ لمْ يَعُدْ بِيَدَيَّ »..
« كيف تترُكينَني في زحمةِ المَسيرْ؟..
وأحلامُنا… تلك الأحلامُ؟..
كيف تهجرينها وأنتِ من سَمَّاها..
منْ رَوَّضها.. من ربَّاها؟! »..
« لستُ أدري.. » قالتْ
والدموعُ بلا انْقِطاعِ..
« ألم نتفقْ أَلَّا نفترقْ
مهما جارت علينا الأيامُ؟ »..
« سامحْني الأمرُ لمْ يعدْ بيَدَيَّ.. »
« وحُبُّنا الأَبَدِيُّ.. أَلَسْنَا معًا رَسمْناهْ؟..»
« الحُبُّ وحدَه لا يَكْفي كيْ نعيشَ سَوِيَّا »..
قالتها وبانتْ.. بدونِ وداعِ..
توارتْ والحسرةُ تحاصرُ في زجاجِ النوافذِ وجهي..
والقلبُ يعْصُرُهُ الأنينْ..
أميرة الثلج ذابتْ.. في لحظتينْ
كمْ هو حزينٌ هذا المساءْ..
البحرُ يَسْحَبُ موجتَهُ الأخيرهْ.. ويَرْحلْ
والأمطارُ بلا انقطاعِ
غيَّرَتْ وجه المدينةِ
غَيَّرَتْ وجوه العابرينْ..
علمتُ بعد حينْ
أنها تَزوَّجتْ شيْخًا ثَرِيَّا..
وأنْجَبَتْ طِفليْنِ كان من المُمكنِ
أنْ يكونا طِفليَّ..
عَشْرُ سنواتٍ وأنا في ذات المكانْ..
أبحثُ عن ظِلِّها كل صباحٍ في وجوهِ العابرينْ
وأَسْتعيدُ في المساءِ طيْف الذكرياتْ..
أسألُ الريحَ عن عِطْرِها..
وأقتفي أثرَها في الأُغْنِيَّاتْ..
هل تُراها حين تُمْسي تسترجع الوعد القديمْ
أم تُراها قد محتني وارتاحت للنعيمْ.

شاهد أيضاً

سهير عمارة - كاتبة 023

د. سهير حسين تكتب: الأرض التي لم يُعصَ الله عليها قط

عدد المشاهدات = 7724 تخيل أرضًا لم يُسفك فيها دم، ولم يُرفع عليها صوت ظلم، …

تعليق واحد

  1. قصيدة جميلة جدا.. لغة شعرية جميلة…إيقاع موسيقي سلس وغتائية أخاذة.. صور شعرية قوية وإحساس مرهف… أعجبتني كثيرا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.