من الأشياء المزعجة جدا للنفس النصائح النظرية أو إلقاء اللوم على شخص ( بمنطقية الأمور ) عملا بمبدأ ١+١=٢ دون النظر الي إختلاف الطباع والتركيبة النفسية وإختلاف القلوب والضمائر وأساليب التربية المختلفة ومدى التمسك بتعاليم الدين.
هذا المبدأ فى العلاقات الزوجية والأسرية وحتى الإنسانية والإجتماعية مبدأ أعمى ظالم يتسم بالسطحية ولا يراعي تلك الاختلافات التى اشرنا اليها واختلافات أخرى خاصة بالبنية النفسية للزوج والزوجة (الرجل والمرأة) واختلاف نمط تفكير كلا منهم حتى فى التدين فلك ان تعرف ايها القارئ الكريم ان حتى التدين له أنماط ثلاث فربما كان كلا من الزوج والزوجه ينتمى الى نمط تدين مختلف يجعل الاخر يتهمه جهلا بأنه غير متدين ومن ثم تنشأ مشكلة بينهم وهى فى الاصل ليس لها اساس !!
وربما بيئة التنشئة لكلا من الزوج والزوجة كانت مختلفة ..فربما قد نشات الزوجة وتعودت على رفع الصوت فى بيئة نشأتها و هنا قد يعتبر الزوج ان هذا الامر تقصد به إهانته و عدم احترامه فتحدث المشكله بينهم ..بل هناك ما هو اكثر من ذلك وأشار اليه الطب النفسى ان هناك ازواج قد نشأوا فى بيئة العلاقات الجنسية فيها أمر يمارسه غالب الناس وهنا تعتبره الزوجة خيانة لها وتحدث المشكلة.
وهناك مثال من السيرة النبوية الشريفة يوضح هذا بشكل اكثر دقة .. النساء فى مكة كانت لا تناقش ولا تجادل الازواج فى أي شئ نتيجة أن مكة كانت بلد تجارية والرجال هم من يعملون فى التجارة وهم من يسافرون فلا شأن للزوجة ولا تعلم شئ عن أمر العمل والتجارة … وحين هاجر الصحابة الى المدينة .. وجدت نساء مكة نساء المدينة يناقشون ويجادلون ازواجهم فى اشياء كثيرة نتيجة ان المدينة بلد زراعية وكانت المرأة تشارك الرجل العمل فى الحقول والزراعة وبطبيعة الحال تشاركه الرأى والمناقشة … فبدأت نساء مكة يفعلن نفس الشئ وهذا ما دفع عمر بن الخطاب وهو من هو للذهاب الى رسول الله وقال له (زئرن النساء على أزواجهن) يارسول الله ولم ينتبه عمر وهو من هو الى اختلاف البيئة الجديدة التى يعيشون فيها.
أيها السادة … وبناء على ما تقدم كان هذا المقال كرسالة الى كل شخص ربما أتي اليه زوجان يستشيراه او ليحكم بينهما سواء كان الاب او الام او اى شخص يلجأ اليه الزوجان حكماً بينهما او مستشارا ينصحهما أن يكون حكيماً حقيقيا.. وأن يكون بالفعل مؤهلا للقيام بدور المستشار فربما كلمة منه أطاحت بأسرة كاملة وربما بكلمة منه أعاد بناء تلك الاسرة التى لجأت اليه.. وان لا يُسيره منطق الامور..وإنما عليه أن يغوص فى عمق الامر.. ويراعى جوانبه المتعددة من بنية نفسية وتربيه وبيئة تنشئة وما الى ذلك ..
فمنطق الامر يقول نعم ان رفع صوت الزوجة على زوجها امر غير مقبول تماما ولكن ربما اذا تعمقنا ودققنا فى الامر سنجد ان الزوجة ما فعلت الا ما اعتقدت إنه طبيعى نتيجة التنشئة.. وهنا يكون الحكم والرأى ان يجب على الزوج الا يغضب.. وعليه ان يتفهم ظروف الامر..وعلى الزوجة كذلك أن تنتبه الى انها قد انتقلت من بيئة الى بيئة ومن مفاهيم الى مفاهيم أخرى.. ربما غير مقبول تماما فيها ما كانت تراه هى انه امر عادى وطبيعى.
واخيرا … ليعلم القارئ الكريم أن شرح وتوضيح هذا الامر ربما احتاج الى عدة محاضرات وليس مقالا واحدا.. ولكن فقط اردنا ان ننوه الى التعمق فى الامر والغوص فيه.. والبعد عن سطحية الامور ومنطقيتها لانها ربما نتج عنها رأى سطحى وغير صائب فيفسد حيث أراد الاصلاح و يهدم حيث أراد البناء.
حفظ الله بيوتنا … حفظ الله مصر … ارضا وشعبا وجيشا وازهرا
——————————–
* كاتب صحفى ومدرب علاقات زوجية وأسرية.