جاءتني امرأة خمسينية تبكي وتشتكي من ابنتها ذات 25 وكيف أنها أعطتها كل حنانها وفضلتها على كل أخواتها بسبب موت أبوها وهي في سن مبكرة و عندما تزوجت كانت أكثر اولادها جحودا لها.
وجاءتنى أمرأه أخرى تسألني هل يجوز لها أن تتبرع بكل مالها للجمعيات الخيرية وأن تحرم أبنائها من أموالها فسألتها عن السبب فقالت لقد أعطيت لهم كل عمري وكل حياتي لقد تنازلت عن كل شيء في سبيل إرضائهم حتى إنني تقبلت كل الإهانات من أبيهم منه والتجاهل لكي تستمر حياتي لصالح أولادي وفي النهايه قابلونى بالجحود والتجاهل وعدم الاهتمام و في جانب اخر أرى رجل ينهمر فى البكاء بسبب أولاده الذين يريدون أن يطردوه من بيته الذي تغرب كل حياته لكي يشتريه وعند ما كتب المنزل لأمهم عرفانا لها بالجميل وماتت الام و ورث الاولاد البيت ويريدون طرد ابوهم من البيت.
و أرى في الطرق أمراه كبيرة تحمل طلبات السوق وبجانبها ابنتها الشابه تمشي خاليه اليدين تحافظ على شكلها و تخاف ان تساعد امها وتحمل عنها لكي لا يضيع جمالها ولا تتحرك تسريحه شعرها.
رجال يعملون ليل نهار وأولادهم ينامون بالنهار ويسهرون بالليل وفي النهاية لا يرضيهم شىء ودائما متمردين على حياتهم.
القصص التي أرويها تتجمع في شيء واحد وهي التضحيه المفسده عندما تضحي براحتك وعمرك وشبابك و تفعل واجباتك وواجبات غيرك و تتنازل عن كل حق لك تخلق بهذه التضحيه الساذجة ناس أنانيون وطماعون دائما ينتظرون تضحياتك وتاتي عليك أيام لا تستطيع ان تستمر في هذه التضحيه فيصبح أمامك طريقين إما أن تستمر مكرها او تتوقف فاذا استمررت مكرها يظلوا يطلبون ويطلبون حتى يظنون أنه واجب عليك و لا يلتفتون اليك ولا إلى تضحياتك أو تصل لدرجه التعب والإجهاد فلا تستطيع أن تستمر في هذه التضحيه فتتوقف فتصبح في هذه اللحظه أنت الملام وكل من حولك ينسى كل تضحيتك ولا يتذكر إلا اللحظة التي قررت ان تتوقف.
أ عزائى الكرام لا اريد من هذا الكلام ان اقول لا تعطوا ولا تحسنوا لمن حولكم ولكن اريد اقول اعطوا بالقدر الذي لا يفسد غيرك فعندما تقرر الام ان تقوم بكل المهام وتضحي براحتها وتعبها في سبيل أبنائها فهي تخلق جيلا من الأولاد المستهترين الغير مسؤولين فاذا دخلوا في الحياه الحقيقيه اصبحوا عديمى الحيله عديمى الفائده ونرى فتيات لا تعلم عن الحياه الزوجيه الا الترف والفسح لأن هذا ما كانت تفعله في بيت أبيها ونرى زوجات تخدم في البيوت وازواجهم يأنفون حتى من العمل اليدوي ونرى ازواج يعملون ليل نهار ولا يجدون من زوجاتهم الا الجحود ومزيد من الجشع والطمع وطلبات لا حصر لها.
اعزائي الكرام جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد ان يتبرع بكل ماله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس.
وعندما قال له احد الصحابه انه يستطيع ان يصوم الدهر كله فامره ان يخفف عن نفسه وقال له إن لنفسك عليك حقًا، وإن لأهلك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا، ولزورك حقًا -يعني الضيف- فصم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك كصيام الدهر.. وكان يقول الدائم القليل خير من الكثير المتقطع.
من يريد ان يعطي يعطي ما هو واجب عليه ويترك كل يعمل ما يجب عليه فلا تقوم بعملك وعمل غيرك فانك بذلك تظلم نفسك و ستاتي في لحظة تندم على كل تضحياتك فلا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوه أنكاثا.
كان يعجبني كثيرا في الماضي عندما أرى الرجل وزوجته يقفون كتف بكتف يزرعون ارضهم ويحصدون زرعهم عندما ارى الرجل في عمله البسيط وفي جانبه ابنه يمسح العرق عن جبينه ويساعده خطوه بخطوه عندما تقف المراه في مطبخها وبجانبها بناتها يساعدنها كل بيد بعضه.
اعلم ان كلامي فيه بعض القسوة ولكن رسولنا امرنا بالإعتدال في كل شيء ففي بعض الأحيان تكون التضحيه مفسدة.