الخميس , 28 مارس 2024

إدارة الخطوبة (4-6): المقياس الثالث في الاختيار… (التنشئة)

= 6742

بقلم: عادل عبد الستار العيلة

أشرت في المقال الأول إلى مفهوم الأسرة بشكل عام وأن الأسرة هي علاقة متعددة الجوانب لا يصح أن نراعى جانبا دون الآخر وأوضحنا هذا بشكل مُفصل، وفي المقال الثاني من تلك السلسلة أشرنا إلى المقياس الأول من مقاييس اختيار شريك الحياة وهو (حد أدنى من الإعجاب والارتياح) وأوضحنا أيضا هذا بشكل مُفصل، وفي المقال الثالث أوضحنا أهمية المقياس الثاني في عملية الاختيار وهو التناسب في الطباع، واليوم نتحدث عن المقياس الثالث وهو (مقياس التنشئة).

هل أسرته أسرة مترابطة أم إنها مفككة ومُضطربة… وهي نقطة في غاية الأهمية ونقصد بهذا الآتي:

هناك قاعدة تقول إنك بسهولة تستطيع أن تشير إلى هذه الزيجة أو تلك إنها ستكون فاشلة أو ناجحة حين تعرف الأسرة التي جاء منها كلا الطرفين (الخطيب والخطيبة) لذلك أحد أكابر الطب النفسي الدكتور عصام الخواجة (أستاذ الطب النفسي) قال لابنته حين جاء وقت خطوبتها ( شوقي أبوه وأمه أحوالهم أيه مع بعض الأول) إن نموذج الأسرة التي عاش فيها الشاب أو الفتاة يكون لها تأثير قوى وواضح على الشخص لأن هذا النموذج (والده ووالدته وعلاقتهم ببعض) هذا النموذج يتم تخزينه في الخلايا الكهروكيميائية لدى الانسان، ومن ثم عندما يصبح هو رب أسرة أو هى… تبدأ تلك الآثار في الظهور لأن هذا النموذج هو النموذج الذي رآه وعايشه، فلو أنه جاء من أسرة الأب فيها يُعنف الأم ويهينها سنجد أن الشاب يمارس هذا الأمر حتى دون أن يشعر لأنه يعتقد أن هذا هو الطبيعي أو هذا الذي يراه طيلة عمره وهكذا الفتاة نفس الشيء

أو إنه جاء من أسرة الأب يخون زوجته فغالبا سيحدث نفس الأمر. أو جاء من بيت الأب فيه يؤمن بأن كل دوره هو أن يصرف على البيت وفقط (طول ما الثلاجة مش فاضية أنا كده مش مقصر في شيء) دون أن يراعى بقية أدواره كالمساعدة في التربية، أو أن يهتم باحتياجات الزوجة العاطفية والجسدية وهكذا، بل يصل الأمر إلى أمور ربما تدهشك مثل طريقة اللبس مثلا، فربما الشاب أو الفتاة اعتاد على نمط معين يراه في بيتهم، نجده فيما بعد يطالب الزوجة بهذا النمط حتى ولو كان هذا على غير رغبة زوجته، وهكذا الزوجة أيضاً (كما أشرنا في قصة حقيقية ذكرناها في المقال السابق).

وهنا يأتي السؤال… بناء على ما سبق يستطيع الشاب أو الفتاة حين يعلم أو تعلم بوجود مثل تلك الاضطرابات في أسرة الطرف الآخر أن تتركه أو يتركها ولا يتقدم لخطبتها أو ترفض هي أن ترتبط به، ولكن ماذا عن الشخص نفسه الذي يعلم إنه جاء من أسرة بها بعض العوار؟ ماذا لو أن خطيبته لم تكتشف هذا ووافقت عليه أو وافق عليها؟

على هذا الشخص أن يعرف أن لديه مشكلة يجب أن يتفاداها – نوضح أكثر – هذا الشخص مثل الشخص الذي في أسرته تاريخ مرضى لمرض السكر مثلاً، نعم هو لم يصب بهذا المرض إلا أن لديه استعداد جيني قوى للإصابة به، ولذلك عليه أن ينتبه من اللحظة الأولى، فعليه أن يلتزم برجيم أكل مُعين، وأن يقوم بعمل تحاليل دورية، وأن يبتعد عن أي شيء ممكن أن يُسرع من إصابته بالسكر… نفس الشيء لمن يعرف أنه جاء من أسرة بها بعض العوار الأسري، عليه أن ينتبه لهذا وأن يتفادى أن يقع في أمور مثل التي كان يراها في أسرته، فمثلاً هو دائما يرى والده يشتم والدته عليه أن يعلم أن جزءا من هذا تم تخزينه بداخله وإنه وعلى الرغم من حُسن أخلاقه وتعليمه إلا إنه من الوارد جداً أن يسلك نفس السلوك.

لذلك يجب أن يؤهل الشاب نفسه وأن يشتغل على نفسه حتى لا يقع في مثل تلك الأمور، وهكذا الفتاة أيضاً، لذلك جاءت أهمية هذا المقال وتلك المهارة في أن نكون على علم بتلك الأمور، ونبحث عنها ونسأل عنها في فترة الخطبة أو حتى قبل الخطوبة، فالخطوبة كما ذكرنا مراراً هي فترة استكشاف، وليست فقط فترة نغرق فيها في بحور الحب والرومانسية ثم نصدم بعد ذلك بهول ما سوف نراه بعد الزواج لأننا لم ننتبه أثناء الخطوبة إلى ما كان يجب أن ننتبه إليه، ولكن بعد فوات الأوان.

وفق الله شبابنا إلى كل خير وحفظهم من كل شر فهو على ذلك قدير.
حفظ الله مصر… أرضاً وشعباً وجيشاً وَأَزْهَرَا
—————————–
* مدرب مهارات زوجية.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: كلمات تأسر القلوب

عدد المشاهدات = 62 ما زلت أتذكر كلمات إحدى السيدات الإيجابية المرصعة بالرقي والتي ستبقى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.