الخميس , 3 أكتوبر 2024

أهمية الدعاية الصينية فى الشرق الأوسط عبر وسائل التواصل الإجتماعى وتويتر

= 2024

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى

تعددت وتنوعت أساليب الصين فى الترويج لسياساتها على وسائل التواصل الإجتماعى، ومعبرة عن وجهة نظر الحكومة الصينية الرسمية. واللافت هنا هو نجاح تلك الأساليب الصينية فى إستقطاب العرب، وذلك رغم تأخر تواجدها على وسائل التواصل العربية لتوضيح سياسات الصين تجاه كافة التحركات الفعلية وكشف للحقائق من وجهة نظر صينية رسمية بالأساس.

وهنا لوحظ فى الآونة الآخيرة نشاط لافت لصحفيين وإعلاميين ونشطاء صينيين ناطقين باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تويتر، وجدناهم يكتبون ضد أمريكا ويتضامنون مع العرب ضد السياسات الإسرائيلية، ومتعاطفين مع الفلسطنيين، ويدافعون عن سياسات الصين ضد تايوان، وينفون كافة أخبار إضطهاد مسلمى الإيغور، من وجهة نظر الصين الرسمية.
فقد نجحت الصين فى بناء بنية تحتية رقمية واسعة تسمح لها بضبط ومراقبة كافة المنصات الإجتماعية، وعرض وجهات النظر الرسمية للدولة الصينية وحزبها الشيوعى الحاكم.

وهنا تعتمد وسائل الدعاية الصينية الرسمية الإلكترونية الجديدة على برامج متطورة، وفقاً لوثائق مشتريات الحكومة الصينية، وتسمح هذه البرامج للسلطات الصينية بإجراء بحوث متقدمة حول السجلات العامة والبيانات المتعلقة بكافة المعلومات الشخصية عن المستهدفين وأماكن تواجدهم.

وتمثل الدعاية الصينية الرقمية جزءاً من حملة بكين الواسعة لمواجهة الصور السلبية عنها. وإشترت كافة الوكالات الصينية، بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية المملوكة للدولة الصينية وإدارات الدعاية والشرطة والجيش والمنظمين الإلكترونيين، عدة أنظمة جديدة وأكثر تطوراً لجمع البيانات.

كما نجح (برنامج الإعلام الحكومى الصينى فى إنشاء قاعدة بيانات للصحفيين والأكاديميين الأجانب عبر موقعى تويتر والفيس بوك للتواصل الإجتماعى عالمياً)، مع عرض لوجهات النظر الصينية الرسمية معها.

إن ما يرسم سياسات الصين تجاه الإنترنت بشكل عام هو مبدأ أنه لا توجد حرية كاملة، ووضعت سلطات الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين (سبعة خطوط حمراء) تم التوافق عليها فى (قمة الإنترنت الصينية) التى عقدت فى عام ٢٠١٣ فى (مدينة غونغو عاصمة إقليم خونان)، وتتمثل تلك الخطوط الحمراء التى لا يجوز المساس بها أو تعريضها للخطر على الإنترنت، فى: القانون، الإشتراكية، النظام السياسى، مصلحة الدولة، حقوق الآخرين، الأنظمة الإجتماعية، الأخلاق، صحة المعلومات.

يوجد أكثر من ٣٠٠ دبلوماسى صينى حول العالم، يتواجدون فى أكثر من ١٢٠ دولة، وكلاً منهم لديه حساب عبر شبكات التواصل الإجتماعى “الفيس بوك أو تويتر” بما يعادل أكثر من ٥٠٠ حساب رسمى على تلك الشبكات. ومهمة تلك الحسابات إعادة التغريد والنشر أو الإعجاب لمنشوراتهم عن طريقهم أو من خلال متابعين آخرين. مما يؤدى فى النهاية لنشر وجهة نظر الصين والتعبير عنها عالمياً فى كافة القضايا.
وكان أشهر وأهم من إستخدم شبكات التواصل الإجتماعى فى الدعاية لجهود الحكومة الصينية فى الخارج، هو السفير الصينى السابق فى بريطانيا “ليو شياومينغ”، والذى إستقال من منصبه عام ٢٠١٩، وكان من أشهر وأهم الدبلوماسيين الصينيين فى إستخدام الدعاية الصينية فى المعركة المتطورة على الإنترنت عالمياً. وإنضم السفير “ليو شياومينغ” إلى تويتر فى أكتوبر ٢٠١٩، حيث تدفق العشرات من الدبلوماسيين الصينيين على تويتر وفيسبوك، لعرض وجهات نظر الصين والتعبير عنها فى جميع بلدان العالم.

وأستطاع السفير “ليو شياومينغ” أن ينجح فى مهمته وفى إكتساب أكثر من ربع مليون متابع، وروج إلى نموذج لدبلوماسية الصين الجديدة، المعروفة بإسم “المحارب الذئب”، وهو مصطلح مستعار من عنوان فيلم صينى حقق أرباحاً عالية. ومعناه أن الصين من محاربى الذئاب، لأن هناك ذئاباً فى العالم، وأنت بحاجة إلى محاربين لصدها.

وأبرمت الحكومة الصينية إتفاقيات مع مجموعة من المؤثرين على وسائل التواصل الإجتماعى فى العالم لتحسين صورة الصين فى العالم، وجذب السياح، ومواجهة الدعاية المضادة، وتعريف العالم بالمعالم السياحية هناك. وتستعين السلطات الصينية بأكثر من ٢٠٠ مؤثر على وسائل السوشيال ميديا والتواصل الإجتماعى عالمياً، للترويج للصين بأكثر من ٤٠ لغة مختلفة، يتبعهم أكثر من ٦٠ مليون شخص للترويج للسياحة والثقافة ومواقف الحكومة الصينية المختلفة. ويتراوح نشاط هؤلاء المؤثرين بين الغناء والطهى والسفر والسياحة والصداقة بين االصين وبلدان العالم.

وهنا، تعمل الصين على تكوين قوة مناهضة، لمواجهة كل ما يكتب عنها عالمياً من وجهة نظر مخالفة لبكين. فلذلك باتت تنفق الصين لمبالغ كبيرة جداً لدعوة العديد من الصحفيين الأفارقة والعرب وأمريكا اللاتينية وإعلاميين آسيويين وآخرين من أستراليا، لزيارة بكين وتكوين نظرة عن المجتمع الصينى، لعرض وجهات نظر الدولة الصينية إزاء مختلف القضايا علنياً، مثل قضايا مسلمى الإيغور، والتبت وهونغ كونغ وتايوان، وغيرها.

———————–
* خبيرة فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية – أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف.

شاهد أيضاً

الوفد النسائي المصري يختتم زيارته لسلطنة عمان بلقاءات لتعزيز التعاون الاقتصادي

عدد المشاهدات = 1008 اختتم الوفد النسائي المصري زيارته إلى سلطنة عمان، بعد عدة لقاءات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.