اعتمدت هيئة الدواء المصرية، خلال الأسابيع الماضية، زيادات جديدة في أسعار عدد من الأصناف الدوائية بنسب متفاوتة، امتدت لتطال بعض الأدوية “الأكثر مبيعًا” في الصيدليات، في خطوة تستهدف بالأساس توفير الأدوية للمرضى، وضمان استمرار الشركات في الإنتاج بشكل مستدام.
وشهد سوق الدواء في مصر أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف، مما استدعى موافقة الحكومة على رفع أسعار عدد كبير من الأدوية بشكل تدريجي منذ يونيو الماضي، وعلى مدار الأشهر الثلاثة المقبلة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إنه عقد اجتماعات ولقاءات مع مسئولي غرف صناعة الأدوية، ومجالس التصدير، للوصول إلى نقطة توازن فيما يتعلق بملف الدواء، لافتا إلى أنه تم إقرار خطة بالتعاون والتنسيق مع الغرفة والمجالس تتعلق بمجموعة من الأدوية يصل عددها إلى نحو 3000 صنف من الدواء تمثل 90% من حجم التداول بالسوق المصرية.
ويعد الدواء واحد من المنتجات المُسعرة جبريا في مصر، على غرار المواد البترولية والخبز.
وأشار إلى العمل بالتعاون مع نائب رئيس الوزراء ورئيس هيئة الدواء، للانتهاء من هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن، خلال الأشهر الثلاثة القادمة، وبدء عودة الأدوية الرئيسية لنفس معدلات إنتاجها بالكامل خلال هذه المدة.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة تسعى للتغلب على مشكلة الدواء خلال الثلاثة شهور المقبلة.
مخزون 7 أشهر
بدوره، قال الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التنمية البشرية، ووزير الصحة والسكان، إن قطاع الصحة يحتاج 350 مليون دولار شهرياً لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يعني أن الفاتورة تبلغ سنوياً 16.8 مليار دولار.
وتنتج مصر 91 بالمئة من الأدوية المتداولة محليا، في حين تستورد 9 بالمئة من الخارج، وفق وزير الصحة خالد عبد الغفار.
وأشار إلى أزمة نواقص الأدوية في السوق المصري خلال الفترة الأخيرة سببها المباشر أزمة العملة في العام الماضي، مضيفًا: “كنا نجتمع بشكل أسبوعي لبحث الاحتياجات من أدوية ومستلزمات طبية وكذلك مواد خام ومستلزمات لمصانع الأدوية”.
وأوضح أن سوق الدواء المصري من المفترض أن يكون لديه مخزون يبلغ 7 أشهر “3 أشهر للمواد الخام، وشهرين في المصنع، وشهر في المخازن، وشهر في الصيدليات”، لكن مع أزمة العملة بدأت المصانع تلجأ إلى الحصول على المخزون من المواد الخام دون تعويضه بشكل سريع، ما تسبب في إحداث تأثير بدأت مظاهره في الظهور تباعا.
لكن حدثت مؤخرا انفراجة في الأزمة مع توفير البنك المركزي الاعتمادات اللازمة للشركات، وحتى تعود معدلات الإتاحة لحالتها الطبيعية “سيأخذ هذا بعض الوقت”، وفق تأكيد عبدالغفار، متوقعا أن يعود الاستقرار لسوق الدواء في غضون شهرين إلى ثلاثة على أقصى تقدير.
وأكد الوزير أن تغيير سعر الصرف كان من التحديات التي واجهت صناعة الدواء، وبالتالي جرى إعادة النظر في التسعير مرة أخرى بما يُمكن الشركات من مواصلة إنتاجها دون أزمات، متابعا أن “لجان التسعير تنظر في أسعار المنتجات الدوائية لحماية هذه الصناعة… الدواء لو زاد سعره 5 أو 10 جنيه مش مشكلة كبيرة، بس يتم توفيره للمريض”.
مراجعة كل صنف
وسبق أن شددت الهيئة على أن “تسعير الدواء يخضع لآليات محددة، وأن كل صنف يتم تسعيره بشكل منفرد بناء على طلب مقدم من الشركة المنتجة”.
وأكدت الهيئة أن سياسات التسعيرة الجبرية الخاصة بالمستحضرات الدوائية تعتمد على ركيزتين أساسيتين، وهما السعر العادل لمراعاة البعد الاجتماعي للمواطن وضرورة توفير المستحضرات الدوائية، وتعمل الهيئة بشكل مستمر على مراجعة الأسعار بما يضمن استمرار توافرها وضبط سوق الدواء المصري.
وأشارت مصادر بقطاع الدواء، إلى أن الإجراءات المتخذة لزيادة أسعار عدد من الأدوية “ستخفف من حدة الأزمة التي يعيشها قطاع الدواء، ويساهم بشكل كبير في توفير الأدوية التي تشهد نقصا خلال الفترة الأخيرة”.
1000 مكالمة هاتفية يوميًا عن نواقص الدواء
أتاحت هيئة الدواء المصرية، خدمة جديدة للبحث عن مثائل وبدائل الأدوية المهمة التي تزايدت عليها الشكاوى خلال الفترة الماضية.
وقالت الهيئة في منشور توعوي: “لازم تعرف إن الدواء بيكون له اسم تجاري وكل دواء بيكون له مثائل وبدائل متعددة في السوق.. عشان كده هيئة الدواء عملت لك خدمة جديدة هتسهل عليك الوصول للبدائل والمثائل المناسبة”.
وأشارت الهيئة إلى إمكانية معرفة بدائل الأدوية التي تشهد نقصًا عبر هذا الرابط..
ومع ذلك، شددت على أهمية العودة للطبيب المعالج في حالة استخدام البدائل للأدوية التي جرى وصفها بعد التشخيص.
وسبق أن قال الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، إن الهيئة رصدت نقصًا في 81 مستحضرًا “أكثر إلحاحًا”.
وأشار “الغمراوي”، خلال مؤتمر صحفي قبل أيام، إلى استقبال من 700 إلى 1000 مكالمة هاتفية يوميًا، وبعد تحليل هذه المكالمات تم رصد 81 مستحضرًا فقط أكثر إلحاحًا في نواقص الأدوية.
وأوضح أن هناك أكثر من 15 ألف صنفًا مسجلًا في هيئة الدواء، والنواقص محدودة داخلها.