الجمعة , 29 مارس 2024

عائشة الجناحي تكتب: لحماية أصحاب الهمم

= 1409

أمسَك دفتر الرسم وعلبة الألوان وتابع خطواته خارج المنزل حتى انزوى بنفسه بعيداً عن أنظار أفراد العائلة في حديقة المنزل، فحجم الاستياء الذي كان يشعر به بسبب معاملة إخوته القاسية زاد من اضطرابه النفسي، فكونه متأخراً عن جميع إخوته في نموه الجسدي والعقلي كان يصعِّب عليه إدراك أو فهم الكلام الذي يتردد من حوله، وذلك ببساطة لأنه مختلف عن إخوته، فهو الوحيد من ذوي الهمم.

هذا الطفل لم يجد الرعاية التي يستحقها من والديه بسبب إهمالهم وانشغالهم الدائم حتى في واجباتهم الأساسية، فلقد كانوا يحمِلون إخوته مسؤولية الاهتمام به في غيابهم فيحرمونهم من الراحة فتبدأ الممارسات البشعة اتجاهه بالضرب. ومن المؤسف أيضاً حين تتكرر على مسامعنا قصص الأسر التي تعتمد بشكل مبالغ فيه على العمالة المنزلية (السائق أو الخادمة) في مساعدة أصحاب الهمم لقضاء احتياجاتهم الخاصة، ما يجعلهم أكثر عرضة لأي مكروه خصوصاً في غياب أولياء الأمور.

هذه الفئة تعاني كثيراً من الاضطرابات النفسية والانعزالية في بعض الأسر، لأن بعض أولياء الأمور لا يملكون الوعي الكافي للسيناريوهات وحجم الإساءة المحتملة لهذه الشريحة وكيفية التغلب على آثارها النفسية بعيدة المدى.

لذا أصدرت وزارة تنمية المجتمع بعض القصص المصورة الخاصة بالأطفال من أصحاب الهمم، حتى تمكنهم وتوسّع مداركهم وتزيد ثقتهم بأنفسهم في التعامل مع الغرباء في حالة الاستغلال بالإساءة أو الضرب في حياتهم اليومية، فهذه القصص تتضمن لقطات تعكس بعض المواقف التي قد تواجه أصحاب الهمم من الناحيتين الجسدية أو الجنسية، التي تهدف إلى توعية الأطفال أصحاب الهمم بشكل مبسط عن السلوك أو المواقف التي قد تهدد أمنهم وكيفية التعامل معها.

القصص المصورة تعَد من الأساليب الناجحة لأطفال أصحاب الهمم، خصوصاً لذوي الإعاقات الذهنية والتوحد لأنهم عادةً يستقبلون المعلومات من خلال الصور التي تمكنهم من تقمّص الشخصيات الكرتونية المدرجة في القصص فتغرس السلوك الإيجابي المراد إيصاله للطفل كنوع من التربية الأخلاقية، وبالتالي تساعدهم في الاندماج بين الأفراد في المجتمع.

قال سبحانه وتعالى: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46].

تقول إحدى الأمهات إن إعاقة ابنها كانت سبباً إيجابياً في أن ترى الوجه المشرق للحياة وأن تدرك أن المعاناة والصبر هما السبيل إلى رفع الدرجات في الدنيا والآخرة. أطفالنا هم أمانة في أعناقنا، لذا علينا أن نحميهم من أذى الغرباء، فالجنة لا تأتي من تحت الأقدام إلا بالإقدام إلى العطاء والتضحية.

—–

* كاتبة إماراتية.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 7107 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.