الخميس , 28 مارس 2024

السياسي..والفنان!

= 2254

Magdy El Shazly (2)

 

إحدى المزايا الحقيقية للفن..أن يحرك العقول والمشاعر..ويجعلها تتجاوب مع قضايا لم تكن تشغل الفكر من قبل..حتى لو قدم الفن موضوعه في قالب كوميدي أو فكاهي يظنه الناس للتسلية فقط..لكن بعد أن يقدمه الفنان ويمضي..قد يتفاجأ الناس أن ما طرحه يتحقق بعد سنوات.. وحينها فقد تدرك أن هذا العمل الفني كانت له رؤية مستقبلية..وأن ذلك الفنان كان سباقا في طرح قضية ما قبل حدوثها في الواقع.

أنظر مثلا إلى أعمال عادل إمام سواء في السينما أو المسرح..بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه في كثير من القضايا والمواقف..لكن عددا غير قليل من أعمال عادل إمام كانت من هذا النوع الذي قد يجعلك تضحك منه كثيرا..وتظن بعد مشاهدته أن دوره انتهى عند هذا الحد..ثم تفاجأ بعد حين أن حوادث الواقع تشبه كثيرا ما شاهدته وضحكت عليه لعادل إمام.

فهل يمكن مثلا تجاهل مسرحيته الشهيرة "الزعيم" وما شهدناه بعد ذلك من تقاطعات مع زعامات كثيرة في منطقتنا..وكيف ترى ما طرحته مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" ومدى اتفاقها مع ما يجري من محاكمات هزلية في كثير من بلادنا العربية، وما يرتكبه البعض من هواة تلفيق التهم للناس دون وجه حق لأجل "تظبيط" الأوراق وإرضاء المسؤولين..!

وإن بحثت في السينما..ستجد نتائج أخرى، مثل فيلم "اللعب مع الكبار" الذي تتجسد قضيته تتجسد يوميا في كل بلد عربي..وسترى "الواد محروس بتاع الوزير" في كثير من المناسبات السياسية وبخاصة المتعلقة بالانتخابات..وستقابل ألف "مرجان ومرجان" في مجالات العمل والإبداع كالشعر والرياضة والاقتصاد..وستفاجأ بأننا جميعا نريد أن نصرخ: "إحنا بتوع الأتوبيس"..بينما يصم رجل السلطة أذنيه تماما..ويضيع كثيرون في الرجلين..!

ولكن مشكلة الفنان انه مجبر على أن يغرد بعيدا عن السياسة..وهو إن اقترب من نارها احترق..وقد عانى فنانون كثيرون ومنهم عادل إمام من هذه المشكلة منذ ثورة يناير 2011، فتأرجحت جماهيريته بين صعود وهبوط تبعا لما مرت به مصر من أحداث، وتبعا لمن كانوا في السلطة، لكنه ظل على أية حال يعمل ويقدم أعماله وإن ظلت "تليفزيونية" فقط، إلا إنه أثبت أن الفن أبدا لا يموت..وأن الفنان أطول عمرا من رجل السياسة!

مجدي الشاذلي

شاهد أيضاً

كابتن الخطيب .. عفوا

عدد المشاهدات = 17579 عزيزي الكابتن محمود الخطيب.. هذه رسالة من مشجع زملكاوي كثيرا ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.