الخميس , 25 أبريل 2024

عبدالرزّاق الربيعي يكتب:حمّام بيئي ساخن !

= 1999

Abdul razak Rubaiy


حين زرت الصين قبل سنوات قليلة لفت نظري بمجرّد وصولي مطار بكين الدولي  أن الصينيين يضعون الكمامات على أنوفهم ،وأفواههم ، وحين سألت عن ذلك قيل لي هذه وسيلة من وسائل الوقاية من الأمراض التي يسببها التلوّث البيئي، بسبب ما تخلّفه المصانع ،والمعامل،وانبعاثات السيارات ،فشهدت بعض المدن ارتفاعا فى كثافة الاوزون بسبب هذه المواد الكيماوية الضارّة ، حتى شكّلت طبقة تشبه الضباب ، لذا قامت الحكومة الصينية بسحب " أكثر من مليون سيارة من أصل 3.3مليون سيارة متواجدة في بكين، وإقفال العشرات من المعامل التي تلوّث الهواء " كما أخبرني أخي الأكبر الذي كان باستقبالي.

 بل عمدت الحكومة  إلى إطلاق صواريخ (يوديد الفضة ) في السماء لتجعل المطر ينهمر لتنظيف الهواء من ذرّات الغبار العالقة " وهو ما يسمى بـ"الأمطار الصناعيّة" كما يؤكّد عدنان جبار في كتابه"رحلة الشتات والصين" ، لتكون بمثابة حمّام بيئي ، وحين خرجت إلى الشوارع صار من الطبيعي ،شمّ روائح عوادم السيّارات، أما وجه السماء، فقد اختفى خلف طبقة الدخان المتصاعد ، لذا صار من الطبيعي أن نشاهد تلك الكمّامات، وقد أصبحت جزءا من الاكسسوارات التي يضعها على أنفه كلّ فرد يحرص على نظافة جهازه التنفّسي !

وكلّنا نعرف مضار التلوث البيئي ،وخطورته على صحة الإنسان، ويبدو إن الصيحات التي تطلقها جمعيّات الحفاظ على البيئة من التلوّث، والناشطون في هذا المجال ، لم تجد أذانا صاغية، فالتلوّث مستمر، وتبعا لهذا يتفاقم تعرّض البيئة في جميع أنحاء العالم لهذه المشكلة التي لم تسلم منها حتى عاصمة النور "باريس" فبدأت الحكومة بالتخطيط لعدد من الإجراءات منها اعتماد حركة السير بالتناوب ،يعتمد على أرقام لوحات التسجيل (فردي أو زوجي) ، كما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسيّة، وكذلك شجّعت على استخدام الدراجات الهوائية بعد أن وصل التلوّث إلى مستوى مرتفع ، وللتحفيز على ذلك ستجعل أصحاب العمل يدفعون  25سنتا على كل كيلومتر يجتازه العامل من منزله إلى مركز العمل على ظهر درّاجة هوائيّة ، الصديقة للبيئة ، بدلا من السيّارة التي تقوم بتوسيخ قميص الهواء.

   ورغم أن البيئة العمانيّة نظيفة ، قياسا إلى البيئات الأخرى، لكن التلوّث لا يعرف حدودا، ولاتوجد إمكانية لمنعه من العبور، فالفضاء مفتوح،وكلّنا شركاء في هذا الكوكب، نتنفّس هواءه ، فما يتعرّض له من أزمات تطال الجميع، ولأن السلطنة جزء من هذا العالم، لذا اهتمّت بنظافة البيئة، حتى  تم اختيار السلطنة من بين الدول العشر  الأكثر اهتماما، وعناية بالبيئة على المستوى  الدولي ، وجاءت جائزة  السلطان قابوس لصون البيئة منذ الإعلان عنها في عام 1989م خلال زيارة قام بها جلالته  لمقر اليونسكو في وقت لم تكن خطورة التلوّث  قد ظهرت على السطح.

  وتكمن أهميّة الجائزة كونها تأتي   " في سياق عالمي يسوده  التصحّر، والتلوث الجوّي، والاحتباس الحراري ،وتراجع التنوع البيولوجي التي تعدّ أهم  المشاغل التي يواجهها المجتمع الدولي  والحكومات " كما قالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو ، وقد منحت هذه الجائزة التي تشرف عليها "اليونسكو"  لجهات عاملة في مجال البيئة في العالم  بأسره ،  إذ منحت لمنظمات عالمية وأكاديميين بذلوا جهودا للحفاظ على البيئة، ومحاربة التلوث ،فنالت شهرة عالمية ، وتبقى الجائزة، والجهود المرافقة لها محفّزات ، ليس إلّا ، فالحفاظ على البيئة من كلّ ما يلوّثها، مسؤوليّة الجميع، ومساهمة كلّ فرد منّا في حمايتها تعدّ مشاركة ضروريّة في نظافة كوكبنا، ليتنفس الناس هواء نقيّا منعشا يملأ الصدور ، دون أن يلجأوا إلى وضع كمّامات على أنوفهم كما رأيت في الصين .  

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: فجوة بين الشباب ورجال الدين

عدد المشاهدات = 3653 منذ فترة طويلة وانا اشعر بوجود فجوة عميقة فى العلاقة بين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.