حياتي اليوم صحيفة إلكترونية يومية
ليلة واحدة قد ينقلب فيها كل شئ رأسا على عقب، فى ليلة ضوء القمر المُظلم وخسوفه تبدأ وتنتهى وتتصاعد الأحداث فى فيلم أصحاب و لا أعز، فى جو يوحى بالسكون والهدوء والاستقرار تنقلب إحدى الليالى على أصحابها، بضوء خافت وشاعرى يبدأ بالمزح والضحكات والرومانسية والتى انتهى بخيانات كبيرة ودموع وهجر وطلاق وصدمات.
يبدأ الفيلم بتجمع الأصدقاء وتبادل الكؤوس من النبيذ الأحمر الذى جعل الجميع سكارى تائهين فى بحور من ظلمات أنفسهم ، فى إيقاع من الإثارة والتشويق فى زمن واحد لمدة ساعة واحدة على طاول العشاء ، يجلس الأصدقاء السبعة فى جلسة سمر ومتعة فينقلب الأمرعليهم ، موسيقى مُعبرة ولقطات مُبهجة فى البداية توضح وصول كل منهم إلى منزل صديقهم الذى قام بدعوتهم على العشاء فى تلك الليلة المشئومة التى انتهى بعدها كل شئ للأبد وكشفت اسرار وفضائح الجميع.
ليلة خادعة وداخلها أحداث نارية ، تلك الإضاءة الداخلية التى يتخللها اللون البرتقالى ودرجاته وهو اللون المعروف فنيًا بالتعبير عن حالة الخيانة، يبدأ الأمر هكذا ثم تتصاعد الاحداث فجأءة ، فى إيقاع شيق وجذاب وسريع وصادم يخطف الانظار والقلوب والعقول، يجعلك تقف عند مشاهد معينة عدة مرات ، الصورة تتسبب للمشاهد راحة وتوتر فى اّن واحد ، والتصوير الدائرى الذى يوضح كل أفراد الطاولة، الزوايا القريبة التى كشفت عن مشاعر كل شخصية منهم وصراعتها الداخلية و الارتباك والتخبط التى تعانيه خاصة بعدما إنفضح كل منهم فى سره من خلال اللعبة الشيقة التى اقترحتها عليهم إحداهن بوضع هواتفهم على الطاولة وفتح اى مكالمة او رسالة على الملئ لتبدأ من هنا رحلة التشويق و المتعة للمشاهد.
من أهم عوامل الجذب مدة الفيلم القصيرة وإختيار ان تدور احداث الفيلم فى خط زمنى درامى واحد وهى واحدة من تيمات الدراما المعروفة ولكن لابد من استخدامها بحرص شديد حتى لا تتسبب فى فشل الفكرة المعروضة وإصابة المشاهد بالملل.
حتى البوستر الخاص بدعايا الفيلم كان ايضا مشوقا وجذاب “يذكر ان قصة الفيلم مأخوذ عن أحد الافلام الأجنبية “وهى المرة الأولى التى يتم صناعته باللغة العربية ولكن يوجد منه عدة نسخ أجنبية ، حالة فنية متكاملة العناصر من قصة مشوقة، إخراج، تصوير وإضاءة، موسيقى وأدائا مبهراً من الجميع، بالإضافة إلى قوة الحوار، واحدة من العيوب الكبيرة كانت إستخدام ألفاظ بذيئة بشكل غير داعى له فكان يمكن إستبدالها بأقل حدة و جرأة وتعمل ايضًا على إيصال المعنى.
ناقش الفيلم عدة قضايا جريئة وغير أخلاقية لكنها للاسف موجودة فى كل المجتمعات العربية كالمثلية الجنسية، الخيانة الزوجية، خيانة الاصدقاء، الحرية الجنسية قبل الزواج ،إلخ وهو الذى أثار غضب الكثيرين.
فيلم “أصحاب و لا أعز” هو حالة فنية خاصة ،تجربة لا تتكرر كثيرا لكنها ستظل عالقة بأذهاننا حتى بعد مرور الوقت طويل عليها، فيلم جيد الصنع حتى وان طاله كل هذا الهجوم، تحب مشاهدته أكتر من مرة ولا تدرى السبب.
بعيدا عن ما جاء من إدعاءات باطلة حول الترويج لهذه الافكار والموافقة عليها والتى بالطبع هى غير مقصودة لكن جاء عنصر أداء الممثلين واحدا من أقوى عناصر الفيلم، المُوهوبة المُبدعة التى دائما ما تخطف قلوبنا بسحر أدائها منى ذكى، الأكثر قوة بينهم وتلقائية فى الأداء، أكثر بريقًا و صدقًا وتعبيرًا تستطيع إيصال كل حالات المشاعر ببراعة تامة من الصراخ والبكاء والغضب إلى التعاطف التام معها وخفة الظل والمفجأة قادرة دائما على الإبهار مهما تقدم بها العمر، كان اختيارها من افضل عناصر الجذب لم يهرب منها الاداء لحظة واحدة مُحترفة و مُتمكنة لكنها لم تستطيع إكمال تلك المبارة الممتعة دون وقوف إياد نصار امامها ، هذا المبدع اللامتناهى، كانت مشاهدهم هى الاكثر جدلا وقوة على الإطلاق، لافتين جدا للنظر تفوق فيها كل منهم على نفسه فكانت المرة الأولى التى أرى فيها هذا الثنائئ واريد رؤيتهم مرات عديدة، فالكيمياء الفنية التى تجمعهم من نوع خاص.
جاء كل أداء الممثلين الللبنانين غاية فى البراعة و الدقة والجمال خاصة نادين لبكى وجورج خباز، إمراة ناعمة ذات أداء غريب وحضور طاغى، اما عن جورج خباز كان حضوره ناضج هادئ ممتع.
لم يحتوى الفيلم على اى مشاهد إباحية لكن تم إستخدام الحوار والايحاء لإيصال المعنى بشكل غير مباشر وهى واحدة من مدارس الدراما الشهيرة، يعد الفيلم من تيمة الاثارة و التشويق ، فى تلك الاجواء الليلية والتى كانت مقصودة ولها مدلول قوى ورائع فى إدخال المشاهد فى حالة من الترقب مع الابطال وإنتظار ماذا سيحدث، إمتزاج اللغة اللبنانية مع المصرية اضاف سحرًا خاصا للفيلم.
- مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع.
