الخميس , 18 أبريل 2024

مصابيح: المثالية فى عيون بائع العسلية!

= 6244

يكتبها: فارس ناصر

“المثالية” مصطلح لا يوجد فى البشرية . فكل فرد يرغب فى المثالية دون أن يدرى أحدهم أن رغبته تشبه البحث عن مبادئ الإسلام فى العصور الجاهلية. فالمثالية هى الكمال و الكمال صفة إلهية فنقول (الكمال لله وحده) فكيف يتصف العابد بصفة المعبود؟.

فلقد اصطفى الله محمداً بتلك الصفة وهى الكمال مع اختلاف فكرة تنفيذها. فكمال الله هو الكمال المطلق كمال القدرة على فعل أي شئ فى أي زمان وأي مكان فهو من يقل للشئ كن فيكون. أما كمال المصطفى فهو الكمال الخاضع لكمال الله فكمال محمد هو دليل قاطع على كمال الله وقدرته على كل شئ من خلال جعل نبيه الوحيد فى خلقه الذي لا يخطأ فى الفعل، ولا ينحرف فى القول لذلك فهو خير خلق الله. فإن كمال الله هو كمال القدرة وكمال محمد هو كمال تنفيذ تلك القدرة.

لذا فأرى خللاً كبيراً فى فكرة البعض للوصول للكمال أو المثالية وأن استبدال تلك الفكرة بفكرة السعى للوصول للمثالية فى الإشياء أولى وأجدر للتحقيق من فكرة الوصول للمثالية فى الأشخاص فكل أبناء أدم لابد أن يخالفهم حتماً التوفيق والصواب ليتعلموا من سقطاتهم ما يحقق طموحاتهم.

وإني لأدقق كثيراً فى فكرة السعي لمثالية الأشياء لأرى أناس تختصر تلك الفكرة على هؤلاء المتعلمين الذين يسعون من خلال القراءة فى أصل الأشياء ليعمقوا مداركهم فيها ومن خلال ذلك التعمق يأقلموا أنفسهم مع متطلبات هذه الأشياء لتأديتها على الوجه الأمثل وهى فكرة معقدة فى السعي إلى حد ما لا تلمس إلا فئة صغيرة للغاية من المجتمع. فالسعي الذي أدعو إليه لهو أبسط بكثير مما يعتقد البعض نراه كل يوم بفطرته التى نشأ عليه فى الإنسان.

فإن ضربنا مثالاً بسيطاً ” ببائع العسلية ” الذي يتردد على المواقف وساحات الذكر وغيرهم وغوصنا فى حياته قليلاً سنرى أشياء كثيرة. سنراه يُعد بضاعته سريعاً فى ليلة ذهابه
لعمله ليتجه لسريره ويغلق جفونه ليعاود فتحها فور سماع صوت المؤذن وهو يشدو بأذان الفجر فيصلى وهو يسأل الله أن يرزقه من وسعه ثم يخرج مفعماً بالنشاط والأمل فى ذمة الله قاصداً مكان عمله يجري هنا وهناك يعرض عسليته بلسانه المعسول على هذا وذاك فيرزقه الله رزقاً واسعاً فيعود لبيته فارغ الأيدي، مجبور الخاطر، ممتلئ الجيب بأموال إن عصرتها تتصبب عرقاً شريفاً يطعمه طعاماً حلالاً طيباً ليحقق المثالية فى عمله بسعيه الفطري الجاد الذي فطر عليه دون أن يدري ذلك البائع ما المثالية؟ وما السعى؟.

ومن كل هذا يتضح لنا جميعاً كوضوح الشمس أن السعى للمثالية فى الأشياء يتحقق من خلال العمل الجاد فلا مثالية بلا سعى ولا سعى بلا عمل. فأنت كشخص لابد أن للإنتاجية اليومية لا إلى المثالية الشخصية.

شاهد أيضاً

“ساعة المساء “…خاطرة بقلم ندى أشرف

عدد المشاهدات = 9330 هل لكل مكان سبب ولكل سبب قصة معينة له؟ واقع مادى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.