الأربعاء , 17 أبريل 2024

محمد صقر يكتب: لقد اجتمعنا ألا نجتمع..!

= 2419

متابعينا الأحباء: أصوغ مقالتي هذه و كلي حسرة وشجن وضلوعي تتأوه وتتألم لكوني واحدا ممن أبحروا في بحر الفرقة جربتها و لامست نفسي من بعيد و من قريب الفرقة بعد التجربة – أعاذكم الله – هي سرطان غير ذي ورم يسري في الأجساد و نار يكتوي بلظاها من أيدها أو أشاعها و ألم مرير لكل مريض بها – و لا شك – أنها تشكل خطرا جسيما على المجتمعات و الأفراد فليست الفرقة بأقل ضررا من الموت – بلا مغالاة في القول – فالموت هين أمامها لأن الموت هو نهاية الحي لانفصال الروح عن الجسد أما الفرقة فهي نهاية الأحياء و فيهم الروح و آسف في قولي أنها تعني الموت للمفترقين و المنقسمين و هم أحياء يرزقون لذا قد كان الرحيل مقبولا عن وابل الفرقة و عن كون الدول و الأمم و المجتمعات و الجماعات و العائلات في فرقة أو انقسام فالفرقة – عزيزي القارئ و عزيزتي القارئة – فتاكة لا يقل فتكها عن فتك واد ويل بأصحابه – نسأل الله العفو و العافية – ففي تفرق الأصدقاء شماتة لكل عدو و في اختلاف الإخوة فرصة للتربص و الفتن – حفظكم الله – و في انقسام و انشقاق أهل الحق مساحة عريضة و فرصة سانحة ليفرض أهل الباطل مبدأهم و سياستهم و هيمنتهم على الأرض و الخليقة و على كل فإن كانت الفرقة لأجل المبادئ لامعة أو خاطفة للأنظار فإن الاتحاد سيظل سيد الموقف.

كما أنني لست ممن يرفع شعارا فقط بل أنا ممن ينادي بمطلب و هو مطلب و حق للجميع و ليس لفرد واحد و ألا و هو الاتحاد و لكم و لكل من يقرأ و لكل من يتابع و لكل من يود أن يتعظ أو يعتبر أن يحلل الموقف التالي : ( جمع رجل مريض أولاده الثلاثة ليلقنهم درسا حول القوة و ليجمعهم على قلب رجل واحد خشية الموت و خوفا أن تغيرهم الأيام و يفترقون خاصة أنه كان صاحب مرض واصب و أما بعد كي لا أطيل عليكم طلب الأب من أحدهم أن يأتيه بحزمة من العصى و قد كان و قام الأب بعد ذلك بجمع الثلاثة أبناء كما أحضر حزمة العصى و أمر كل واحد منهم أن يكسرها إلى نصفين و بمفرده فقام كل واحد منهم و حاول أن يكسرها فلم يستطع و بعدها أمرهم الأب أن يكسروها معا بالتعاون فهموا فاستطاعوا كسر حزمة العصى و بسهولة ) و من هنا جاءت نصيحة الأب إلى أبنائه و هي أن الاتحاد قوة و التفرق ضعف و بعد التحيل نرى المرجو حدوثه و المأمول وقوعه هنا هو أن نتحد و نوحد شملنا و صفنا و كلمتنا و أترك ملاحظتي و التي تقول : – ” أن هذه النصيحة تحظى بامتياز مع مرتبة الشرف .

“و من المفترض أن تكون نصيحة كل أب لأبنائه و من هنا جاءت أيضا رسالتي و مقالتي لكم و للجميع و ألا و هما أنه من لم يتضافر تناثر و من لم يدرك معنى الوحدة هوى في جحيم الفرقة و من لم يع ذلك كله اختفى و اندثر و أود أن أوضح لكم أن ما أكتبه و ما كتبته بالفعل لم يكن مجرد أقاويل فعلى سبيل المثال الاختلاف يولد الفرقة و الفرقة تولد الضعف و الضعف يولد الذل فلنعتبر – و أبدأ بنفسي قبلكم – إن كنا ممن يبتغي العزة و الكرامة فعلينا أن نوحد صفوفنا و لا مرحبا بيننا أبدا بأي تفرق أو انقسام و هنيئا لمن اتحد فورث العزة و الكرامة و الأهم من ذلك كله أنه قد اكتسب هيبة و احترام الجميع ( فالاتحاد قوة ) لم يكن هذا المثل ادعاء أو رفعا لشعار أو تجديدا لخطاب و لكن كان دلالة عريقة تربت عليها أجيال و أجيال و كان معنى غاية في دقة الوصف و كان الأشهر على وجه العموم لأنه جاء من واقع تجربة أثبتت و أثبتت معها الأيام أن القوة الحقيقية في كل مكان و زمان كامنة في الاتحاد و التآلف لا في الفرقة و الانقسام و لأضرب لكم مثلا آخر يشيد بما أقول لقد كانت مأساة غزوة أحد و هزيمة المسلمين فيها هي صورة تجسد الفرقة في معنى واضح لها فحينما انشق المسلمون على بعضهم البعض و لم يأتمروا لما أمرهم به رسولنا الكريم – صلى الله عليه و سلم – هزموا شر هزيمة – كفانا الله و إياكم شر الفتن ما ظهر منها و ما بطن –

و بعد دعوني لأسوق لكم مثلا ثالثا على ذلك و هو أن النمل إذا اجتمع قهر السبع و رابعا – و ليس أخيرا – إذا اتحد القطيع نام الأسد جائعا و من هنا تدفعني نفسي لأستشهد لكم بما أمرنا به الله – جل و علا – في محكم التنزيل قال تعالى : – ” و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا …. ” – صدق الله العظيم – و هنا نهي واضح وضوح الشمس لنا و لكل مسلم – و للبشرية جمعاء – عن الفرقة و الانقسام و في غير آية تدعونا الظروف المواتية و القصص و العبر و التجارب و الأيام إلى الوحدة فكفانا فرقة و انقساما فمن تفرق احترق و من توحد اخترق و لعلي واحد ممن أحبوا أن يدلوا بدلوهم في هذا الصدد لأن ما أراه و ترونه جميعا أن المسافات و الأسباب التي تفرق بين أي طرفين – على اختلاف أبعادها – ملعونة شاء من شاء و أبى من أبى و أرى أيضا أن النهي عن التفرق ليس مأثورا أو موروثا قدر ما هو نهي يفرضه الدين و يحكمه العقل السليم و ينادي به أصحاب الفكر.

كما أن التفرق – كمفهوم ملموس في الواقع – لا تقبل به ألباب واعية و لا يعتبر به ذوو الأفق الواسع و لا تحبذه المدارك المتفتحة – لأن السعادة في النظر إلى الغير اعتبارا – و ماذا جنى المنقسمون من انقسامهم في هذه الحياة !؟ فهل اجتمعوا ألا يجتمعوا !؟ أم كان مكسبهم في ذم الفرقة في كل حين !؟ أم كانت غايتهم ألا يتحدوا بالفعل !؟ لست أدري ما جزاء مثل أولئك الذين يرحبون بالتفرق و ينبذون الاتحاد و ليس لدي الإجابة الصحيحة على هذا السؤال و لكنني أعلم تماما أن تعارض المصالح الشخصية أو الشهرة أو المناصب أو الأموال و الثروات هم أصحاب الكفالة في صنع ذلك و سيبقى الرجاء ألا تعطوا فرصة للشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء كما اعتاد أن يفعل تحت أي ظروف أو أسباب نعم قيل : – ” أن في اختلافهم رحمة . ” و لكن هذا هو في المسائل الشرعية فقط و ليس معمما في كل شيء و إن كان هذا المبدأ مطبقا في كل شيء فنحن من يضع هذه المبادئ و من الوارد أننا على خطأ فكل ابن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون و أخبروني – يا من افترقتم – أ يعجبكم ما أنتم فيه !؟ و من منكم لديه القدرة أن يواجه الحياة وحيدا !؟

فالإنسان منا لم يستطع بعد أن يعيش بمفرده و إن حاول فستبوء المحاولة قطعا بالفشل لأن المعادلة حينها سيختل وزنها و ستكون نهاية محاولته الموت فليس هناك من إنسان يقتدر أن يتحمل مشاق الحياة وحده و على أية حال طالت سطوري أم قصرت ستظل رسالتي إلى نفسي و إليكم هي أن من بات و رهانه على فرقة خاب و خسر و من بات و رهانه على وحدة فاز و انتصر فما اجتمع قوم لأمر و هموا إليه حتى قضي و تم و بالشكل المطلوب و ما تفرقوا على آخر إلا و أضحى عارا يندى له الجبين خجلا و إن التعبير ليفيض بي و بغيري إن أراد أن يذم الفرقة أو أخذ يمتدح الوحدة و يعدد في مزاياها و الآن – أحبائي في الله – لقد حان الموعد لنجتمع و نتحد عظة بكيفية النشأة و الممات فالمرء منا من تراب و على تراب و إلى تراب هذه هي الحياة و الدنيا العجوز الغبراء التي تأتي ساخرة و هازئة بمن اغتروا بها يوم الفصل إنها – بكل تأكيد – لا تستحق منا أن نعير لمغرياتها اهتماما أبدا – و إن كان طفيفا – فلا يليق ذلك بالنفس المؤمنة و لا يروق ذلك في عين كل من هو صادق مع نفسه و قبل أن أختتم مقالتي أترك لكم بيت الشعر الذي يلخص المقارنة بين هذا و ذاك بشكل مثالي عساكم ممن يحلل الوصف فيه و يتواضع أمام هوى النفس فيرجع إلى صوابه و لا يدع للفرقة أي مساحة في حياته لتفعل ما تفعل قال الشاعر :

كونوا جميعا يا بني إذا اعترى خطب
و لا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
و إذا افترقن تكسرت أفرادا

و سيبقى – بكل أسف – العجب العجاب في ( من يعتبر !؟ ) لا في الوعظ أو النصح أو الإثبات و مهما اتجهنا إلى الفرقة أو اقتنعنا بالانقسام سيظل الأمل معقودا على الوفاق و ستظل القضية معلقة على الود و صفاء النفوس ليس أكثر فعلينا جميعا أن نتحرى الدقة و نحن نختار لأنفسنا موقعا يرضيها و كل لبيب بالإشارة يفهم و في النهاية طاب قولي أم لم يطب سيظل هو رؤية كاتب – من منظوره الصحفي – إن أمسى له القلم سيصبح لكم الحكم – و أليس الصبح بقريب !؟

و لا زال للحديث بقية لكم مني وافر التقدير و التحية الطيبة و انتظرونا في ثوب جديد.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 1471 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.