الجمعة , 29 مارس 2024

مصابيح: سجن الفقر والجهل

= 1947

يكتبها: فارس ناصر

نواجه فى العقدين الأخيرين مشكلة كبيرة للغاية أدت و مازالت تؤدى إلى نقصٍ فى المواردِ وتكدس فى الشوارعِ وخلخلة فى المعيشةِ ألا وهى مشكلة الزيادة السكانية العنيفة الناجمة عن الجهلِ والفقرِ وغيرهما من مواريث الزمان فى بلادنا حتى كدنا ندهس بعضنا بعضاً فى الطرقات نركب فوق بعضنا البعض فى المواصلات ومع ذلك نحن مستمرون ننجب الأولاد بالدفعات لنورثهم الجهل والفقر والأمراض ونعيشهم فى عقم فكرى فلا هم يعرفون المستقبل ولا هم يعرفون إلا الخيبات والدمعات.

فإن نظرت إلى مجتمعاتنا الصغرى _وهى بيوتنا _وذهبت إلى إحدى هذه المجتمعات والتى يسكنها رجل فقير _وكلنا فقراء إلى الله _لا يملك من الدنيا إلا قوت يومه يعيش فى غرفة صغيرة ومعه خمسة أولاد وزوجته ينامون ويصحون يأكلون ويشربون يبكون ويضحون فى هذه الغرفة الصغيرة فتقول لنفسك ما الذى أجبر هذا الأب على تلك المعاناة سيتضح لك أنه يكثر الحديث عن العزوة والعدد سيتضح لك أنه لن يرزقه الله الذكر فظل ينجب حتى رزقه الله الذكر سيتضح لك أنه يستخدم هذا العدد الجم فى العمل سيتضح لك الكثير والكثير حتى تصل إلى نقطة واحد فى نهاية الأمر وهى نقطة تحمل على أعناقها الجهل والفقر وهنا تنتقل إلى مرحلة أخرى من التفكير ويدور فى رأسك حملات التوعية الهشة التى ملئوا بها التلفاز وغزو بلفتاتها الشوارع وهم يدعون إلى تحديد النسل لحياة أفضل للأبناء دون أن يدروا أن الجهل والفقر سيظل ينهش لحم الأباء فكيف تدعو لحياة مزهرة وأنت تارك أيادى الجهل مثمرة وبذور الفقر رطبة لينة فبالتأكيد ستظل حملات التوعية سارية.

أما إذا نظرت إلى مجتمعنا الكبير ستندهش وتبكى لحال هذا الأتوبيس الذى يحمل الآلاف كل صباح وتضحك لهذا الفصل الذى لا يدخله الهواء لكثرة الطلاب سترى مصر وهى تتشاجر من أجل نقطة الماء وستجد عواصم تُبنى بها قلاع بها حصون بها وزراء بها رؤساء بها حياة أفضل بها بيوت أجمل بها أناس لا تعترف إلا بمكينات الصرف وألوان العملات وهنا تكتشف غياب الإنسان وستعرف أن المسجون هو الإنسان مسجون فى دنيا الفقر ودنيا الجهل ودنيا المرض مسجون فى دنيا الأحلام وكيف تحلم أسرة وهى فى غرفة واحدة تنام لذا فإن الزيادة السكانية والتكدس المغول هذا لن ينتهى إلا بنتهاء الفقر والجهل فبدلاً من الصياح والنباح اعملوا لتحققوا النجاح والفلاح.

شاهد أيضاً

عندما يتوقف المطر … بقلم: مريم الشكيلية – سلطنة عُمان

عدد المشاهدات = 6584 عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.