الجمعة , 29 مارس 2024

مصابيح: إلا بالتقوى

= 3821

يكتبها: فارس ناصر

يلوح فى ذهنى فى هذا الوقتِ من كل عامٍ تزامناً مع موسمِ الحجِ ومراسمه أمر لم ولن نراه إلا فى ديننا الإسلامى. فإذا نظرت معى إلى شاشةِ التلفازِ يوم عرفة المبارك على سبيلِ المثالِ لا الحصر تجد أن الكاميرا ألتقطت رغم أنفها صورة تجمع بين ذلك الملياردير الكبير ذي الشعر الأشقر والبشرة الرقيقة البيضاء والعيون الخضراء وبين ذلك الرجل الكادح الفقير ذو الشعر المجعد والبشرة الخشنة السوداء والعيون المسافرة فى المأساة ستجدهما يقفان معاً وكل منهما يرفع يده للسماء وتفيض عيناه بالدمع من خشية الله.

وستقف أنت تتذكر بلال الحبشى الأسود الذى كرمه الله وجعله مؤذناً لخير البشر و تفكر فى الحكمة الالهية من ذلك، و ستتذكر سلمان الفارسى وهو يهان من بن الخطاب بسببه نسبه وأصله فيرد المصطفى:” سلمان منا آل البيت يا عمر”، وسيدور فى رأسك موقف عبدالله بن مسعود عندما تعثر شال الرسول فى شجرة فصعد ابن مسعود ليأتى به فعرى عن ساقيه فضحك الصحابة على نحافتها وسوادها فيرد الحبيب: “و الله إن قدم ابن مسعود أثقل عند الله من جبل أحد” وما أدراكم ما أحد فهو من قال عنه رسولنا:”أحد يحبنا ونحبه” فتظل تتذكر الكثير والكثير من المواقف حتى تصل إلى حكمة واحدة وهى أن الناس سواسية كأسنان المشط لا فرق لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.

وهو ما يندرج فى مجتمعنا تحت مسمى “التنمر” فنرى من يهين هذا بسواد بشرته ومن ينتهك مشاعر هذا بأصله ونسبه ومن يذم هذا بفقره فى حالة من الإنحدار الخلقى الذى أصبح سائد فى مجتمع يقدس الشقراء و يدفع فى مهرها أضعاف ما يدفعه فى قرينتها السوداء مجتمع لا يرى الحق ولا يعرف معناه إلا إذا كان سينفذه على الفقير الذى لا يملك إلا الهواء.

فيا أيها المسافرون فى أحلام الدنيا الفانية إن الآخرة هى الباقية فالله هو من قال أن الناس سواسية فاستقيموا وتذكروا وأعملوا بما تذكرتم حتى تنفع الذكرى.. تذكروا قوله تعالى “ولقد خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” صدق الله العظيم.

قال أتقاكم لم يقل أجملكم أو أكثركم مالا أو أعرقكم نسباً بل قال أتقاكم فاستقيموا يرحمكم الله.

شاهد أيضاً

عندما يتوقف المطر … بقلم: مريم الشكيلية – سلطنة عُمان

عدد المشاهدات = 6631 عندما التقيتك أول مرة في ذاك اليوم الربيعي الهادئ على الجانب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.