الجمعة , 26 أبريل 2024

إمرأة من هذا الزمان…!

= 4807

بقلم: عادل عبدالستار العيلة

قُدر لى أن أرسل لى أحد اساتذتى مقطع فيديو عن برنامج لإحدى الراقصات ليبين لى مدى القبح الذى وصلنا إليه فى إعلامنا … تسأل المذيعة الراقصه عن أهم انجاز لها فقالت …. حين رقصت أمام البيت الأبيض كله … تقول هذا بمنتهى الفخر !!!! والمذيعه تقول لها الله عليك !!!

أيها السادة … إن فينا و بيننا نماذج تُكتب أسمائهم بحروف من نور… تلك النماذج أرى إنه لزاماً علينا وعلى الاعلام اولا أن يظهرها لتصبح القدوة والمثل ، ولذلك اسمحوا لى فوق سطور هذا المقال ان أنتقل بكم من مستنقع القبح … إلى مشكاة النور … انتقل بكم من هنالك حيث القدوة الفاسدة والرمز المزيف ..الى هنا .. و ما ادراك ما هنا … هنا أمراة من هذا الزمان … هنا القدوة الصالحة و الرمز والمنوذج المشرف.

إنها سيدة لم يتجاوز عمرها الخمسة وعشرين عام .. كانت كفراشة البستان … و كزهرة الربيع وحديثة عهد بالزواج فلم يمض على زواجها الا بضعة سنين (7سنوات) ولها من الأبناء إثنان ، ثم جاء ملك الموت قابضاً وليس زائراً لزوجها ، فتدور الأرض بها ، ماذا حدث ،يا إلهى هل أصبحت وحيدة دون سند ، دون رفيق ولا شريك ، يا إلهى هل ذهب زوجى دون عودة ، ما هذا العويل الذى حولى هل حقا ذهب دون عودة ، ثم انفض الناس من حولها وجاء الليل ، اول ليلة فى بيتها دون زوجها ، وعيناها مازالت تذرف الدمع ، ثم فجأة إنتبهت لشئ جاء فى ذهنها ، ماذا عن أولادى ، عن تربيتهم فهم مازالوا صغارا ، ماذا عن تعليمهم ، معاش الزوج لا يتعدى الـ 1500 جنيه.

وهنا تبدأ رحلة بطلة هذا المقال ، تلك السيدة الأصيلة الصابرة المصابرة الصلبة رغم صغر السن ، فقررت ألا تتزوج وأن تعيش لأولادها ، وبدأت رحلة البحث عن عمل فمعاش الزوج لا يكفى شئ ، ووفقت فى إيجاد عمل ، لم تكن تعلم عنه شئ ولكنها الارادة ايها السادة ، إنها تلك الطاقة الأسطورية الكامنة داخل كلا منا (الأمل).

تعلمت تلك الحرفة وأتقنتها وتميزت فيها ، ولكن ماذا عن الصغار ، اين تتركهم ، فتبدأ جولة جديدة مع الخوف والقلق والارتباك وقلة الحيلة ، فيسخر لها الله أن رقق قلب صاحب العمل ووافق أن تصطحب أبناءها معها ، يا الهى فى ليلة وضحاها تغير الحال لغير الحال ، الأم تعمل والابناء أمامها فى محل عملها ، بعد أن كانت أميرة فى بيتها ، ولكن لتكن إرادة الله ، وظلت تلك السيدة تجتهد وتعطى وتصبر وتكافح حتى إستطاعت أن تُدخل إبنتها كلية الطب ، يا الهى هل هذا حق ، هل تحقق الحلم الذى حلمت به طويلاً ،لدرجة أن أحدهم عرض عليها يوماً شئ من المساعده المادية فرفضت بحزم (وكانت البنت مازالت فى الابتدائى) وقالت له ابنتى هذه ستصبح دكتورة ولا أريد أن يصبح لأحد فضل فى هذا الا الله عزوجل …

وقد أصبحت حقاً طبيبة ، إلى هذا الحد فضل الله وكرمه، إلى هذا الحد توفيق الله لى، أنا من كنت بالأمس القريب لا أعلم كيف سأطعم أولادى، الآن أنا (أم الدكتورة) هكذا كان حال لسانها.

أيها السادة … إن تلك الأم هى نموذج نفتخر به إنه بيننا، نموذج يجب أن نتخذ منه القدوة والمثل والرمز، علينا أن نخبر أبناءنا أن الصورة ليست فقط تلك الراقصة الحقيرة التى لا قيمة لها وقد صنع منها الاعلام الجاهل غير المحترف مثلاً ورمز !!

علينا أن نخبرهم أن هناك قدوة حقيقية، هناك تضحية حقيقية، نعلمهم إنه مع الشدائد يظهر معدن الانسان ، ومع الشدائد عليك أن تبحث داخلك عن تلك المهارات الكامنة لتوظفها او تعيد توظيفها لتدفعك الى الامام ، علينا أن نحافظ دائما على تلك الطاقة الاسطورة التى بداخلنا ألا وهى (الأمل).

شكراً لتلك السيدة الفاضلة الرائعة التى يجب أن نكتب إسمها بحروف من نور ، شكراً لكل أمرأة أثبتت لنا أن المرأة إنما هى إنسان راق ومعطاء، أثبتت لنا ما تعلمناه من الصغر (أن الأم مدرسة إن أعدتها أعدت شعباً طيب الأعراق).

حفظ الله نساءنا … حفظ الله مصر .. أرضاً وشعباً وجيشاً وازهراً.

———————————
* مدرب معتمد فى الاستشارات الأسرية والزوجية.

شاهد أيضاً

د. عائشة الجناحي تكتب: لو كان خيراً

عدد المشاهدات = 3653 ألطاف رب العالمين تجري ونحن لا ندري، فكل شر يقع بنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.