الخميس , 28 مارس 2024

د. منى حسين تكتب: اعترافات امرأة..!

= 3059

المرأة هى الأم التى ترعى وتربى ، وتحلم دائما أن يكون ابنها رجلا ذو شأن عظيم ، فتحسن تربيته ، وتغرس فيه القيم ، وترسم له مسارات لحياته حتى يحقق حلمها ، إنها تريده أفضل منها ، وأفضل من زوجها الذى هو والده ، إنها تريده أن يكون الأفضل على الاطلاق ، فنجاحه هو نجاح لها ، هو شهادة موثقة على قيامها بتربية جيل جديد يحمل إسم العائلة ، ويكون سندا لها ولإخوته ، فهو مستقبلها الذى تتمناه وترسمه ، هى مدرسته الأولى.

وفى كل خطوة يخطوها نحو مستقبل أفضل ، تشعر بالفخر كأنه جوهرة أضيفت إلى تاج وضعته على رأسها يمثل نجاحها فى رسالتها فى انجاب الأبناء ، وفى تربيتهم التربية السليمة ، ولا يؤلمها أن يكمل مسيرته فى رحلة علم أو عمل بعيدا عنها ، كل ما يهمها أن يكون ناجحا ، وتشير إليه بأنه ابنها ، حتى إن لم يعد عليها هذا بأى مردود مادى ، يكفيها أنها نجحت فى انتاج ثمرة عمرها ، التى أصبح يشار إليها بالبنان ، وفى كل نجاح له ، تشعر بنجاحها هى ، هكذا تكون الأم.

وأحيانا تكون الأخت الكبرى التى تتنازل عن أن تحيا حياتها الخاصة ، بتربية أخوتها ورعايتهم وتحمل إرث أبويها ، لتكمل رحلتهما فى تربية أبنائهما ، وتصبح هذه رسالتها الأولى ، مضحية بمستقبل كانت تحلم به لنفسها ، فى عملها أو فى الزواج بمن تحب وإنجاب الأبناء ، لتصبح هى الأم البديلة ، بإرادة خالصة منها ، وتشعر مع نجاح كل أخ من أخواتها أنه نجاح لها هى ، حتى بعد أن يبدأ كل منهم حياته الخاصة وينفضوا من حولها ، فهى الأم التى اعطت ولا تنتظر الرد.

وهناك الزوجة السوية التى إن أحبت زوجها ، كانت الداعم الأول له حتى يحقق حلمه ، وربما حلمها الذى لم ولن تستطيع تحقيقه ، لأن واجبها فى تربية أبنائهما سيمنعها منه ، خشية أن تقصر فيهم ، فتوجه كل دعمها لشريك حياتها ، الذى تشعر أن نجاحه هو نجاح لها ، حتى وإن كانت فى الخفاء ، لا يعلم عنها أحد فهى الجندى المجهول خلف هذا الرجل ، الزوج المحبوب الذى يحمل رسالة علم أو كفاح فى تجارة ، أو تأسيس شركة أو مصنع ، أو فى أى مجال.

هذه المرأة تتحمل عن زوجها كل أدواره تجاهها وتجاه أبنائهما ، حتى يتفرغ تماما لعمله ، حتى ينجح ، ويحقق أحلاما كثيرا ما كانت تحلم بها ، إنها المرأة الزوجة المحبة لزوجها ، التى تضحى بنجاحات ربما تكون هى الأجدر بتحقيقها ، لكنها فضلت أن يكون زوجها هو الذى يحققها ، حبا فيه وفى علاقتها به .
أما المرأة التى يفشل زوجها فى أن يجعلها تحبه ،فهى امرأة لا تدعم بل أحيانا تهدم ، كلما اقترب من تحقيق حلم له ، تختلق المشكلات والخلافات ، حتى تبعده عن مسار نجاح بدأه ، أو تتنصل من أدوار من الممكن أن تقوم بها ، لكنها ترى أنه ليس أفضل منها حتى يحقق هو نجاحات ، وهى تتحمل عنه كل أدواره ،
فتلقي عليه مشكلات الأبناء ودراستهم ومشاغباتهم وغيرها ، وهدفها الأوحد أن تضع العثرات فى طريقه حتى لا يكمل مسيرة نجاحه ، وتنجح فى إلقاء الأعباء عليه حتى لا يستطيع أن يرفع رأسه.

وتحرص على أن تصبح جيوبه خاوية ، فيسعى وراء لقمة العيش من عمل لآخر ، ويخرج من سباق لو استمر فيه لأصبح من النوابه والعلماء المتميزين محليا وعالميا ، لكن هذا سوف يؤلمها ، فهى لا ترغب فى نجاح هذا الزوج الذى امتلكها حتى لو كان يحبها ، لكنه لم يجعلها تحبه.

وهناك المرأة التى تحب زوجها ، لكنها تقلق من نجاح هذا الزوج ، لأنها تخاف أن يميل لمن تكون أفضل منها تعليما وثقافة ، ربما تكون زميلة عمل ، ربما تكون حب قديم فى حياته ، إحدى فتيات أسرته التى أحبها فى مرحلة شبابه ، فيكون هدفها الأول هو تكبيله بقيود الأولاد وتعليمهم ، دائمة الشكوى ، دائمة اغراقه فى مشكلات عائلية بين أخوته وإخوتها ، وتلبسه رداء الحكماء حتى يفعل هذا بحب ورضا ، والهدف أبعد من هذا بكثير ، إنها تريده أمامها ، حتى لا يغيب وترى عيناه من هى أفضل منها ، وتنجح فى نزع ريشه ، فلا يستطيع الطيران إلى امرأة أخرى ، ويصبح قيد أسرها.

وتمر سنوات عمره دون تحقيق أى نجاح ، لأنه لم يتميز فى عمله مع أنه ماهر فيه ، ولم يتميز فى تربية أبنائه ، ولم يستطع ان يجمع ثروة تريحه حين يتقدم عمره ، ويصبح غير قادر على العمل مرة أخرى ، وينتهى عمره وهو شاكر لهذه المرأة التى حاكت له أكبر شبكة دخل بها ،ولم يستطع أن ينجح بقدر مهاراته التى سلبته إياها ، وادخلته فى حوارات ومشاحنات هو فى غنى عنها ، ودونها ستمر الحياة بسلاسة ، ويحقق أضعاف ما حققه ، ويكون المردود لها ولأولادها ، لكن إحساسها بالنقص جعلها تصيغه بالطريقة التى تضمن بقاءه بجانبها ليس حبا بل إحساسا بالمسئوليه ، وبأنها لا تستطيع أن تفعل ما يفعله هو ، فتعطيه البرستيج كاملا فى المقابل فشله وعدم تحقيقه بعض طموحاته ،وهو راض تماما عن مسار حياته ، وربما شاكرا لها تقديرها له ولدوره المهم ككبير العائلة ، حتى لو كان تدخله فى مشكلات صغيرة يستطيع أصحابها حلها بنفس القدرة ، وربما أفضل.

هذه هى المرأة التى تستطيع دفع رجل نحو النجاح والتفوق إن أرادت ، وتستطيع أن تطرحه أرضا وتتسبب فى فشله ، وأخرى تدخله دائرة لا يعرف كيف يخرج منها لأنها أحكمت غلقها عليه ، وكل ما عليه أن يدور داخل الدائرة ، كأنه يسير فى مكانه دون تقدم ، ناهيك عن المرأة التى تجعله يكره حياته ويمرض، وربما يفارق الحياة بإرادة كاملة منه كنوع من الخلاص ، أو يتيه فى الشوارع فاقد الهوية والانتماء ، شريدا بلا مأوى ولا عمل كالحيوانات الضالة التى تشاركه الأرصفة وتحت الكبارى التى يقيم فيها.

ويمكن أن نرى هذا السيناريو من الرجل الداعم والرجل الهادم ، لكنه يفعله على الملأ دون دهاء ، يوقف تقدمها ونجاحها بقرار لأنه الزوج ، وله القوامة على هذه الزوجة مهما علا قدرها أن تطيعه ، إن استسلمت عاشت كما يريد هو ، وإن رفضت عاندها وقهرها ، وإن نجحت فى الفرار منه بالطلاق أو الخلع يكيد لها ويوقف قطار حياتها ، فقد حولا الزواج من مودة ورحمة إلى سلطة وحب إمتلاك وتحكم ،حتى لو كان على غير حق.

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: سندوتش المدرسة.. صدقة وزكاة

عدد المشاهدات = 6305 لا ينكر إلا جاحد ان الشعب المصرى شعب أصيل، شعب جدع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.