الجمعة , 19 أبريل 2024

مرفت العريمي تكتب: محبطون ..!

= 1258

 

Mervat Oraimy 2
 
 صوت الإحباط يعلو في كل مكان ويتكرر المشهد في المنزل والمقهى ووسائل التواصل الاجتماعي الذي يعد مؤشرا للرأي العام ..لا يمر وقت حتى تصادف محبطا في الطريق يبحث عن متنفس لطاقته ولا أعلم هل تكون محظوظا أو لا عندما تضطر أن تكون ذلك المتنفس  في الوقت الذي تبحث فيه عن من  يمدك بالطاقة الإيجابية لتحقيق أهدافك وطموحاتك  فالمحبطون في كل مكان  وما أكثرهم !! 

حالات من التملل والضيق والتمرد على الحال دون معالجة حقيقة للمسببات فأغلب الظن يذهب إلى أنها مجرد عوارض سرعان ما ستزول  أو حالة غضب مؤقتة  ستختفي  بالكلمة الطيبة أو بالصمت وعدم الاكتراث أو بالتنفيس .

شواهد كثيرة تقول إن حالة الإحباط أكبر من أن نتعامل معها بطريقة دفن الرأس في التراب تجاهلا عما يدور فوق سطحها  فليس من الصحي أن نسمع طفلا لا يتجاوز الرابعة وهو متذمر من المدرسة  لان المعلم  فشل في جذبه إلى العلم اوالتعلم  وليس طبيعيا أن نرى نسب الاكتئاب في ارتفاع وعند كافة المراحل العمرية والفئات المجتمعية.

فالإحباط المتكرر قد يقود إلى عنف الجسدي أو اللفظي والكبت بمنع الإنسان من أن يمارس إنسانيته في التفكير والتعبير أيا كانت مكانته يصنع منه إنسانا محبطا  بارد المشاعر والأحاسيس أشبه إلى الآلة يوجه إلى الطريق الخاطىء  نظرا للكم الكبير من الطاقة السلبية التي تثقل من كاهله.  

وأتفق مع المقولة المنسوبة إلى الدكتور غازي القصيبي – رحمة الله عليه –  عندما قال يزول الإحباط بزوال التطرف وبزوال التطرف يزول الإرهاب فما نعيشه من الإرهاب النفسي والفكري  في العالم  خصوصا في العالم الثالث  ما هو إلا نتاج  أعوام  من الإحباط وخيبات الأمل وهنا مكمن الخطر.

 

إن عوارض الإحباط تبدأ بالصمت واللامبالاة والتسيب من العمل  وعدم الحرص على الحضور المبكر إلى العمل وكثرة الاستئذان  والانكفاء على الذات وقلة المبادرات  والتذمر من الواقع والاحساس بالظلم والانهزامية وفقدان الأمل بالمستقبل، فالأعراض المذكورة  ما هي  إلا وصفا لحالة الإحباط كما ذكرتها الدراسات الحديثة  فمن مسببات الإحباط  انطفاء شمعة العطاء وخبو جذوة المبادرات لغياب التقدير المعنوي فغالبا ما يواجه المبدعون واصحاب المواهب  إلى الإهمال في العالم الثالث نتيجة القوانين والتشريعات  القديمة والمنفرة التي تنظر الى المجيد والكسول من منظور واحد والبيروقراطية  التي لا تتخذ من الاداء المميز معيارا للتقييم  وعدم وجود  إطار واضح لإجراءات العمل والتوصيف الوظيفي وحدود الصلاحيات  الذي يخلق حالات من التسلط  على المجيدين.
 

 

 الإحباط صناعة يتقنها دعاة الفشل  الذين يمارسون كافة  الاساليب المثبطة لمنع الإنسان من أن يمارس إنسانيته وأحيانا تكون  على شكل مؤامرة بين المتنافسين من المؤسسات لتحطيم معنويات الموظفين لتشجيعهم نحو ترك اعمالهم وقبول عروض المؤسسات الأخرى او الهجرة الى الخارج فالخاسر الاكبر يكون المجتمع والدولة التي انفقت الملايين  على بناء الانسان ليواجه هذا المصير.

التذمر أصبح سيد المشهد في كل مكان  وتفشت أعراض الإحباط في المؤسسات حتى شلت من حركتها وانتاجيتها وانتلقت للأجيال الجديدة من الموظفين الذين  إما يختارون الانضمام إلى حزب المحبطين او البحث عن مؤسسات أكثر سعادة ، والدائرة تتسع لتشمل أكبر عدد من الناس الى المجتمع باكمله ،يختار المحبط إحدى الطريقين إما  التحمل وإما انتظار أن تتحسن الأمور فيعمل بالقدر المناسب حتى يأتي الفرج أو أن يفقد الرغبة في العمل فيختار التذمر والشكوى أو خلق فرصة عمل جديده أو عمل خاص يحقق فيه طموحاته ورغباته المتقدة .

إن الإحباط من أهم أسباب تدهور المجتمعات و تعثر الشركات والمؤسسات التجارية  لذلك فمن المهم  إخراج  المحبطين من حالات  السلبية واللامبالاة   فبدلا عن التركيز على تطبيق انظمة الحضور والانصراف واعتباره معيار للأداء من الضروري تطبيق نظام الإنتاجية والإدارة بالأهداف معيارا أهم لقياس الأداء وتسمية  جهة تراقب العمل وأداء الموظفين لمهامهم وفقا للخطط الموضوعة ومراقبة بيئة العمل على اعتبار انها عنصر أساس للعطاء لا أجهزة تثبت أن الموظف موجود  فالوجود الفعلي تعني  الإنتاجية وعلى نسق مقولة ديكارت أنا منتج إذن إنا موجود.

 

* مرفت العريمية كاتبة عمانية ورئيس مركز الدراسات بمسقط.
—————-

 

 

شاهد أيضاً

داليا جمال تكتب: صلاة الرجال مع النساء.. باطلة!

عدد المشاهدات = 3845 نشر فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على صفحته الرسمية على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.