استفاقت من نومها، تمد يدها تتحسس الموبايل، تفرك عيناها تحملق في شاشته الصغيرة، الساعة الحادية عشر صباحا أخذت تحرك الشاشة تبحث عن المجهول وقعت عيناها على خبر طالما انتظره صاحبه طويلاً، دققت في الاعلان إنه اليوم في تمام الثالثة والنصف يتم تكريم الناقد المعروف الدكتور مصطفي إبراهيم الرئيس الأسبق لقسم اللغة العربية جامعة القاهرة التقطت عكازها و أعتدلت في جلستها وهاتفت الإعلامية المقربة منها والتي تكن لها الكثير من الود ممكن تشتري باقة من الورد الابيض المطعم بوردات من اللون الوردي وبعض وريقات خضراء وانتظريني هناك في جامعة القاهرة قسم اللغة ، شهقت مروة قائلة: حاضر يا دكتور حضرتك تؤمريني سأنتظرك هناك الساعة الثالثة تماما، قالت مرام: ولو سمحتي كلمي الأستاذ أحمد للتصوير وتغطية الحدث وتخصيص صفحة كاملة ل هذا التكريم في الجريدة الورقية، ردت مروة تمام يفندم ،
انتهت مرام من كوب الشاي، تحملق فيه ترشفه بسرعة ، فتحت خزانة ملابسها تتفقد محتوياتها واختارت ملابس لم ترتديها منذ سنوات ، منذ وباء الكرورنا وهي لا ترتدي غير الأسود.
دقت الساعة الواحدة أحست مرام بقطرات مياة تتساقط علي ظهر كفها نظرت إلي المرأة ، إنه سيل من الدموع مسحتها مبتسمة ، إنها دموع الفرحة ف هذا الرجل المكافح الجاد يستحق هذا التكريم منذ سنوات مضت، كم أسعدني هذا الخبر حتى لو جاء هذا التكريم متأخراً ، سيكون حضوري ومعي الوفد الاعلامي المرافق مفاجأة له ، والتغطية الأعلامية هديه من مؤسسة أقلام للثقافة والفنون والتنمية ، وسأقدم نفسي للحضور بآخر منصب، رئيس الثقافة والفنون والأداب بالاتحاد الاقليمي التابع لجامعة الدول العربية الدكتورة مرام إبراهبم كاتبة قصة ومسرح وعضو إتحاد كتاب مصر وسارتجل كلمة التهنئة، إحساس غريب يجتاحني يسابق قلمي، وتتعثر كلماتي سقط القلم، تركته، واخذت أركض في الطريق الرئيسي ركبت التاكسي وجهته بأعتزاز: كلية الآداب جامعة القاهرة ، أحست بثقل في لسانها ، وإرتعاشه في صوتها، لفها صمت السنين، أخذت منديلاً ورقياً جففت عيناها، السائق يتابعها، مختلسا النظر إليها بين الفينة والفينة ، صعدت سلم المبنى في نشاط كأنها تطير، أخذت بوكيه الورد اهدته لصاحب التكريم، رحب بها وبالوفد الاعلامي المرافق لها في مدخل القسم ترك المكرم المنصة احتفاءًا بقدومها وأصر على إجلاسها في الصف الأول أمام المنصة وبدأ التكريم بحديث من رئيس قسم اللغة العربية الحالي ثم الدكتورة التي أعدت البحث الخاص بالمكرم .
كان الميكروفون حكرا على المنصة فجميع الحضور أساتذة أكاديميين بنفس القسم، سُمح لي بمداخلة تناولت وجهه نظر لم يتطرق إليها السابقون وهو الإبداع الهادف، والجانب الإنساني، والقدوة التي نقدمها للأجيال، ثم تجمعنا لإلتقاط الصورة الجماعية فوجدت الجميع حولي وكأني واحدة منهم خاصة رئيس قسم اللغة العربية الحالي فوجدتها فرصة كي أفضي لهم سراً ، أن وجودي في هذا المكان كان حلما تعلقت به منذ طفولتي، و قراءاتي الأولى لكبار الكتاب ،الجميع ينظرون إلي وينصتون بإهتمام …
طرقات على باب الشقة ورنين لا ينقطع جرس الباب والتليفون وبدون وعيّ، مدت يدها لتتكئ على عكازها سقط العكاز أرضا محدثاً صوتاً تعالت على أثره أصوات بالخارج ، الحمد لله الحمد لله فيه صوت فتحُ الباب قبل وصولها اليه ، ووجدت مروة تبكي وتضحك في آن واحد قائلة : الحمد لله يا دكتورة حضرتك بخير؟ ماذا حدث؟ أبتسمت منار في سخرية لم أنم طوال الليل أتعبتني أمواج الحياة وقلت استريح قليلا لأصل في الموعد المحدد، ثم استلقت علي المقعد القريب منها وقد استرخت جفونها وكأنها ما زالت في حلم بعيد، وقالت : نعم يا مروة هذا ما حدث ، ليبقي الحلم حلما.