أنِّي حين ضاق بي العالم، كنت أنت الفسحة الوحيدة التي لا تخذل، كنت المرفأ حين تعبت أمواجي من العراك، والضوء حين استوطن العتم عيوني، لم أجدك صدفة، بل وجدتك دعوةً قديمة رفعتها روحي ذات انكسار، واستجابها القدر متأخراً ليعلّمني أن النور لا يأتي قبل اكتمال الليل.
كنت ملجئي، لا بمعنى المكان، بل بمعنى الطمأنينة… بمعنى أن قلبي حين يرتجف، يركض نحوك دون سؤال، كطفلٍ حفظ طريق الرجوع إلى حضن أمّه، كنت لي سقفاً حين تهدمت الأسقف، وسماءً حين غابت المعاني، كنت لغة جديدة في عالمٍ تاهت فيه الحروف، وصوتاً دافئاً في صقيع الكلام.
كنت… أنت فقط
حين قلت لك إنك ملجئي، لم تكن جملة عابرة، بل اعترافٌ تسلّل من بين ضلوعي، خرج مرتجفاً كأنّه أسرٌ فُكّ قيده للتو، ذلك الملجأ الذي لا يحمل جدراناً، لكنه يحتويني، ذاك الغياب الوحيد الذي لا يخيف، والحضور الوحيد الذي لا يُنسى.
أنت لي ك تلك الفكرة التي تشدُّ أزر قلبي كلما مال، والتفسير الوحيد لأنني ما زلت أبتسم رغم كل شيء، وحين أغلق العالم أبوابه في وجهي، أجد في صوتك نافذة، وفي صمتك مأوى..
فيك شيء يشبه السلام…
لا، بل فيك كلّ السلام.
أخبرتك ذات مرة، وأعيدها ألف مرة:
أنت الوطن حين يتشرد الشعور، والدفء حين يبرد اليقين، أنت صلاة لا تُقال بصوت، لكنها تُسمع بين نبضي ونبضك.
فلا تضع ذلك في زوايا النسيان، ولا تنسى أني حين اخترت أن أضع رأسي على كتفك، كنت أختار النجاة!