خلال الأعوام الأخيرة حدثت كثير من التحولات في مشاعر وأفكار المصريين، وأصبحوا يقبلون ما رفضوه من قبل، ويرفضون ما قبلوه يوما، وتبدلت القدوة التي ترشد وتوجه وتتيح المعلومات أكثر من مرة، وتغيرت قواعد الممارسة السياسية والإعلامية تغيرات تدعو للفزع، ولم يعد سرا وجود تدخل من جهات وأجهزة بعينها في تكوين إئتلافات ودعم تنظيمات، تدفع في اتجاه وجود صوت واحد فقط، هو صوت التأييد المطلق للنظام والحكومة والتبرير الدائم لكل ما يصدر عنهما، والتهوين المطلق من شأن أي أصوات أخري، قد تمتلك رؤية أو قدرة علي المشاركة في الواقع السياسي بأداء أفضل، أو تملك حلولا لبعض ما نعانيه من مشكلات.
لم يكن مقبولا عند المصريين أن يعترف أحد العاملين بمهنة الإعلام أنه «مخبر» يفخر بالتعامل مع أجهزة سيادية، أو يتخصص زميل له في الاستعانة بتقارير أمنية لتشويه أسماء محددة، بل كان هذا الاعتراف وهذا التخصص فيما مضي تهمة يستهجنها أغلب الناس، ولكن أصبح هذا مقبولا الآن، ومشفوعا بألقاب الشجاعة والوطنية والخوف علي البلد!
ولم يكن مقبولا عند عامة الناس قبول السباب والشتائم عند اختلاف الآراء، ولا التعريض بسمعة وشرف من يختلفون معه، ولا إهانة الشيوخ والكبار، ولكن كل هذا أصبح يحدث الآن في السياسة والرياضة دون أن يثير الانزعاج!
حين تغيرت المعايير وتقلبت شروط النموذج الإنساني الذي يمكن الاقتداء به حدث أمران في غاية الخطورة علي المدي البعيد….. الأول هو اختفاء القدوة الحقيقية التي ينظر اليها الشباب بإعجاب ويتمنون السير علي خطي نجاحها فيؤمنون بما تؤمن به من قيم ومبادئ وأخلاق، والثاني هو تحول النموذج الوصولي، الذي يمتلك المال والسلطة والأضواء والقدرة علي التأثير، إلي قدوة حتي لو كانت تفتقد مقومات الضمير والأخلاق !
نجح «الزن علي الودان» الذي وصفه المثل الشعبي بأنه أقوي من السحر، في تحويل دفة مشاعر المصريين وأفكارهم لقبول ماكانوا يرفضونه، ورفض ماكانوا يقبلونه، ولم يعد أحد يؤمن بقدوة في مصر.
—————-
hebaomar55@gmail.com