الأربعاء , 25 يونيو 2025

هبة الحلابي تكتب: الثَّقيل..!

= 1488


لا إخالُ هذا الثقيلَ إلا كائنًا قد تجرَّد منه الشعور، وعافه الجمهور وانطوَت عنه نفسه لولا خشية الملامة لتنصَّلتْ منه كما يتنصّل الحُسام من غِمدِه والحِرباءُ -هروبًا- من لونها، لا شاغِل يُلهيه غيرَ الوُثوب على شئون غيره، مستملِحًا في ذلك سَيره، طَروبًا لا يأبه ضَيرَه !

فوالله ما أراه إلا خُذلانًا ونِقمة وبَلاءً يَستدفِعُ به نعمة !

إذ لو فطِنَ لانصرف لشأن خاصَّةِ نفسِه، يُقلِّمُ شرورَها و يُهذِّبُ طباعها، فيزجرُها عن طوارقِ شُغلها بما يُؤذيها لِيَسوقها سَوْقًا رفيقًا إلى سُبلِ نفعها ومنابعِ رُقيّها وعلوّها، هي منابعُ سماويَّة المعنى والغاية

ورحم الله الشافعيّ حين قال :" إنّ الثقيل ليجلس إلي فأظن أن الأرض تميل في الجهة التي هو فيها ! "

ملفوظٌ هو الثقيل في كل قُطر وعَصر، ولمَ لا يُلفظ وقد عُدَّت مُجالسته من عِلل الكَدر ومَجالِب الضَّجر، من لوازِم الإنابة ومُوجبات الإستعاذة !

لله درّ ابن القيم حاذقٌ طبيبٌ فَذٌّ لا يُبارى في ميدان القلوب، يَشفِي تحيُّرك في أمرِ المذكورِ فيقول : " إذا ابتليت بثقيل، فسلم له جسمك، وهاجر بروحك، وانتقل عنه وسافر، وملِّكهُ أذنٍا صمّاء، وعينًا عمياء، حتى يفتح الله بينك وبينه. "

" ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمرهُ فُرطا ".

إذن هاجِر !

هــاجِر بروحك رقَّهـا لِسماءِ *** واربأ بها عن عالم الثُّقــلاءِ

واحذر مُخالطةَ الثَّقيل فإنه *** مُتمكِّنٌ في الصرفِ والإغواءِ

غِرٌّ وسوء الطبع فيه جِـبلَّـة *** لا يرعَوي كالصخرِ فوق الماءِ

فكُن الفطين وصُن لِروحكَ جوهرًا *** تسمو به عن هذهِ الأدواءِ

واطلب سلامةَ أصغَريْك تنلْ بهم *** ياصاحِ كلَّ كرامــةٍ وعــلاءِ

شاهد أيضاً

سهير عمارة - كاتبة 023

“مسرح الحياة: حين ينتصر الزيف وتُغتال الحقيقة” بقلم: د. سهير حسين عمارة

عدد المشاهدات = 4771 الحياة ليست سوى مسرح كبير، تتعدد عليه المشاهد، وتتشابك فيه الأدوار، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.